كتب حنا صالح في ” الشرق الاوسط”: عندما قال المشرّع إن الاستشارات النيابية التي يجريها الرئيس ملزمة، قال في الواقع إن النواب ينتخبون مرشحاً يكلف تأليف الحكومة. وعندما قرر أن الرئيس المكلف يجري استشارات نيابية غير ملزمة، كان يقول إن مجلس النواب الذي كلّف، إما يجيز التأليف ويمنح الثقة وإما يسقط المكلف وحكومته. وبالتالي كان المشرّع واضحاً في عدم منح رئيس البلاد الحق بحجز الاستشارات واكتشاف الأسرار النيابية والأهواء والتأليف، لأن تأليف الحكومة حق للمكلف برئاستها وواجبه. وعندما لم يلزم المشرّع الرئيس المكلف بوقت للتأليف، أراد عدم وضعه تحت الضغط، منطلقاً من ضرورة وجود حسن النية والتعاون في إدارة الشأن العام، وأن مصلحة الرئيس المكلف تكمن في الإسراع بمهمته لأن يصبح رئيساً لحكومة تحكم وليس مكلفاً!
بهذا المعنى لو أن الدستور مطبق فإن الرئيس المكلف هو من يؤلف الحكومة ويتحمل المسؤولية أمام المجلس النيابي الذي اختاره… والشراكة من جانب رئيس الجمهورية هي وطنية، لجهة المساهمة في اختيار الأكفاء والأصلح الموحي بالثقة ومن لا شبهة عليه، وهذه أمور يؤخذ بها حتماً، وتالياً لا يكون لرئيس الجمهورية حصة وزارية، لأن المشرّع قال: يحق للرئيس حضور جلسات مجلس الوزراء متى أراد، وعندما يحضر يترأس ولا يحق له التصويت، لكن عندما يسمي وزراء كحصة تابعة له، يصبح للرئيس أكثر من صوت، ويتحول إلى فريق بدل أن يكون راعي تعاون السلطات وتكاملها.
لأن الدستور معلق، تفجرت الصراعات والمطالبة بالحصص، والتناتش مفتوح اليوم ويغطي دور طهران في استرهان البلد والحكومة، وما من جهة عابئة بالانهيار وتداعياته! حولوا البلد إلى جحيم واستمروا على كراسيهم رغم تفجير بيروت الهيولي وما أسفر عنه من إبادة جماعية و(تروما) ستعيش طويلاً في ذاكرة الناس! وحده الدستور بديل المحاصصة وبديل البدع وبديل الاجتهادات في برلمانات افتقرت لوجود مشرع عاقل محترم…