وقبل مدة، عقد لقاء بين الرئيس سعد الحريري وعلي حسن خليل، المعاون السياسي لبرّي. وأصر الحريري في اللقاء على عدم حصول أحد على الثلث المعطل، فأتاه جواب خليل: الرئيس برّي يدعم هذا الموقف، ولو وافق الحريري، فبرّي سيبقى معارضاً ولن يسمح بذلك.
وعلى هذه القاعدة قدم برّي مبادرته: تشكيل حكومة من 18 وزيراً، بصيغة 3 ستات، وإيجاد مخرج ملائم لوزارتي العدل والداخلية. لكن عون وباسيل رفضا هذه المبادرة رفضاً مطلقاً.
وقبل مغادرة الحريري إلى الدوحة، أعيد البحث بطرح حكومة الثلاث ستات، من دون حصول أي طرف على الثلث المعطل. وحاول التيار العوني المناورة بهذه الفكرة، مقابل حصوله على وزارة الداخلية. وهذا ما رفضه الحريري، من دون أن يعطي جواباً نهائياً، مفضلاً تأجيله إلى حين عودته من الخارج.
ولا يزال برّي على موقفه حكومياً: سياسياً يتمسك باتفاق الطائف ويلتزم بالدستور، في مواجهة حملات الدعاية الهائلة التي يقوم بها العونيون لتبرير تجاوزهم الدستور. وذلك بالحديث عن أن التمديد للمجلس النيابي سيكون مبرراً لعدم خروج رئيس الجمهورية من القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته، بذريعة استمرار العمل في المرافق العامة وتلافياً للفراغ. وهذه كلها لها حساباتها السياسية التي يعرف برّي كيف يتصرف حيالها.
أهم ما يركز عليه بري في هذه المرحلة هو تجنّب التوتر – السني الشيعي، والذي قد يعاد استخدامه في سياق إذكاء فتنة مذهبية. لذا فالعلاقة بين الثنائي الشيعي والحريري ممتازة. وهذا ما دفع باسيل إلى اتهام الحريري بأنه يرضي جمهوره بافتعاله مشكلة مع التيار العوني للتغطية على علاقته الجيدة بحزب الله.
وهذا ما يعدّه رئيس المجلس عملاً تخريبياً: كأن باسيل يريد افتعال صراع سني – شيعي، ليبقى في موقع قوي ويكون قادراً على ابتزاز الطرفين.
قبل مدة، قال برّي في أحد مجالسه إنه أبلغ حزب الله بعدم استعداده بعد اليوم لأن يكون عاملاً لدى جبران باسيل. ولن يسمح لباسيل بأن يستغل بخبثه موقف حزب الله الحريص على الاستقرار، لتحقيق ما يريده من مكاسب. موقف برّي هذا لم يتغير، ولديه عتب كبير على حزب الله الذي سخّر قدراته ومواقفه لصالح باسيل، ما انعكس سلباً على بيئة الثنائي وعلاقة الحزب بالقوى السياسية كلها.
وينبه برّي إلى أن باسيل في مرحلة ضعفه هذه، يحاول استثارة العصب المسيحي، لكنه لم يجد من يؤيده، لا بكركي ولا سواها من القوى السياسية المسيحية”.