اذا ما تحدثت في لبنان مع أي دبلوماسي، عربياً كان أو غربياً، أو حتى أعجمياً، لَصارَحك بشكل تلقائي بأنّ جلّ ما يهمّ دائرة اتخاذ القرار في بلده هو التعامل مع تداعيات الازمة اللبنانية (إنسانياً بالدرجة الأولى)، وليس التعامل مع الأزمة نفسها.
بهذا المعنى، فإنّ الرهان على المتغيّر الخارجي في الوقت الراهن يبدو أقرب الى العبث السياسي، حتى وإن راهَن البعض على صدمة كهربائية فرنسيّة على مستوى عواصم القرار الإقليمي والدولي، مع العلم بأنّ مثل هذه الصدمة لا يمكن انتظارها ضمن المدى المنظور، لا سيما أنها يفترض أن تُلاقي حراكات سياسية ودبلوماسية على الاجندة الدولية، وعلى رأسها اللقاء بين الرئيس ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، واللقاء بين الرئيس الاميركي جو بايدن وقداسة البابا فرنسيس، وبطبيعة الحال مؤشرات التفاوض المحتمل بين الولايات المتحدة وايران حول الاتفاق النووي، بكلّ ما يرافق ذلك من استعراضات جيوسياسية، بدأت تأخذ منحى أكثر تشدداً منذ انتهاء مهلة 21 شباط، التي حددتها إيران للمضيّ قدماً في تصعيد ما قبل التفاوض، في ظل عدم قيام الجانب الاميركي برفع العقوبات عنها.
كل ما سبق يجعل الرهان على حلّ خارجي في الوقت الحالي مجرد رهان خاسر على متغيّرات لن تتضِح معالمها ومفاعيلها قبل الربيع المقبل، حين تتبلور مسارات السياسات الدولية والاقليمية التي يمكن الافتراض أن لبنان يمكن أن يتأثر بها بالوكالة وليس بالأصالة
رهانات خاسرة ولا وضوح للمتغيّرات خارجية قبل الربيع
كتب نبيل هيثم في ” الجمهورية”:إذا ما نظر أيّ مراقب بواقعية الى سيل المواقف اللبنانية منذ خطاب سعد الحريري في 14 شباط، وصولاً إلى المؤتمر الصحافي لجبران باسيل في 21 شباط الجاري، وما بينهما من تصريحات وبيانات وتغريدات، فإنه لن يتوانى عن القول بقدر عالٍ من الثقة ان لا حكومة لبنانية قبل نهاية العهد العوني.