تحت راية الدعوة الى مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان وحياده، منصة وطنية لبنانية رسولية، نصبها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عصر اليوم في الصرح البطريركي في بكركي، وأطلق منها مجموع المواقف الصاروخية الواردة في عظاته الست والثلاثين منذ السادس من تموز الماضي وحتى الآن، مثلما أطلق عبرها ورود الشراكة والمحبة والحرية، وبنود رفض الحالة الانقلابية على الدولة، ونشيد تحرير لبنان- الدولة بعدما حررنا لبنان- الأرض.
وفي الوقت نفسه، شرع الراعي أبواب الصرح، أمام الجميع للتضافر والتضامن والعمل معا من أجل لبنان الرسالة وتلاقي الحضارات، لبنان- الوطن لجميع أبنائه اللبنانيين هنا وفي بلاد الانتشار، لبنان السيد الحر المستقل وال10452 كلم مربع بحدوده النهائية، لبنان الدولة الواحدة، لا لبنان الذي تنضوي فيه أكثر من دولة.
السؤال الآن: ماذا بعد السبت 27 شباط 2021؟، ماذا بعد خطاب البطريرك الراعي، أمام آلاف المحتشدين من حراك مدني ومستقلين ومناصرين للأحزاب التي تؤيد دعوته الى مؤتمر دولي وحياد لبنان، ماذا بعد خطاب الراعي الذي ألقاه في حضور عدد من مشايخ من الطوائف الإسلامية؟، خصوصا أن ما ورد في الخطاب يوضح ما يريده الراعي من خلال الدعوة الى مؤتمر دولي.
وفي سياق ما أراد توضيحه، ورد ما يطمئن الجميع و”حزب الله” ضمنا وأولا. وكذلك حمل تشديدا على رفض تزوير دور لبنان وهويته الحضارية والتاريخية، مشيرا الى أن حيادية لبنان واردة في كل مواثيقه، أقله منذ 1920 مرورا بال1943 وامتدادا الى اتفاق الطائف الذي حالوا دون تطبيق دستوره، وقد استغلوا ثغراته بطريقة سلبية.
كلام الراعي تناول كل الأوضاع السياسية والمالية والاقتصادية والمعيشية المتردية والمزرية، والمؤسسية والكيانية الصعبة، مثلما تناول وبطريقة ثورية، دعوة الناس الى عدم السكوت، على كل ما يصادر القرار الوطني، وعلى عدم تأليف الحكومة، وعلى السلاح غير الشرعي. وعلى مسرى الطبقة السياسية وكل الأوضاع المتدهورة.
إنما البطريرك، مد اليد للجميع من أجل إنقاذ لبنان الوطن والدولة. والآن نكرر السؤال، لا بل الأسئلة: ماذا بعد خطاب الراعي المدوي؟.
نبدأ النشرة من الخطاب الشامل للبطريرك الراعي في بكركي، أمام آلاف المحتشدين، مكررا الدعوة الى عقد مؤتمر دولي من أجل لبنان وتحييده.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أن بي أن”
دولار شباط “ما عليه رباط”، فماذا عن آذار؟ هل ستسعر حطباته الكبار نار الدولار أكثر؟
هي ساعات تفصل عن انتهاء مهلة الثامن والعشرين من شباط المحددة للمصارف، بهدف رفع رأسمالها وتأمين نسبة 3 بالمئة من السيولة في المصارف المراسلة، فماذا سيحمل الأسبوع المقبل من تطورات؟، وهل سنشهد تراجعا في سعر دولار السوق السوداء مع انتهاء هذا الإستحقاق؟، وماذا عن عمليات التقليص المحتملة لأعداد المصارف؟، وما مصير أموال المودعين؟.
في الواقع تتزاحم الأسئلة من دون سعر صرف رسمي لها، وتراكم الأزمات من دون حلول مستدامة لها، فيما لا تقريش لكل المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة، لا سقف يحد حتى الآن من ارتفاع سعر الدولار، ولا قاع للإنهيار الذي يتفشى كسرطان.
بعد إشكالية رسالة “التيار الوطني الحر” الى الفاتيكان، استبق “التيار” موقف بكركي اليوم بالتأكيد على أنه يشارك البطريركية المارونية هواجسها في حماية الوجود، وسعيها الى إلى تثبيت الشراكة، مشددا على رفض ما وصفه بإقحام لبنان في سياسة المحاور، والتزامه محور لبنان دون غيره مع التأكيد على الانخراط في الصراع مع إسرائيل.
وفي خطاب البطريرك الماروني بشارة الراعي عناوين عالية السقوف، ودعوة الى مؤتمر دولي يثبت الكيان اللبناني وحدوده الدولية ويدعم إعلان حياد لبنان.
عند مدخل محمية شاطئ صور الطبيعية، انطلقت حملة تنظيف الشاطئ الجنوبي من التلوث النفطي الإسرائيلي تلبية للدعوة التي أطلقها الرئيس نبيه بري، بعد اجتماع هيئة الرئاسة في حركة “أمل”.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “المنار”
لا جديد يذكر في المشهد اللبناني اليوم، فالأزمات على حالها وكذلك الخطابات، فيما كان أبرز حدث بدء حملة تنظيف الشاطئ اللبناني من الإعتداء البيئي الصهيوني.
استنفرت جمعيات كشفية وبيئية بالتعاون مع بلديات المنطقة ونوابها، مطلقين حملة تنظيف الشاطئ الجنوبي، بدءا من مدينة صور، حيث وصل النفط اليه، ولكن ليس عبر التنقيب واستخراجه من البلوكات اللبنانية، وإنما عبر تسرب نفطي مصدره العدو الصهيوني.
كورونيا وبالتزامن مع طلب بكركي من وزارة الصحة تأمين لقاح كورونا لكبار السن من مطارنتها، احتشد جموع المحايدين في ساحة الصرح من قواتيين وكتائبيين، حضروا بهتافاتهم دون أعلامهم ومعهم محايدو 17 تشرين، حضروا ليطالبوا بالتدويل والحياد، فوعدهم البطريرك الماروني بشارة الراعي بانه لن يخيبهم. وبخطاب فيه ملخص أقلام بقايا الرابع عشر من آذار، دعا البطريرك الراعي الى تحرير الدولة.
في اليمن تحرير مأرب ما زال خيار أبنائها الذين يكبدون قوات العدوان الاميركي السعودي خسائر فادحة، أما خسائر حاكم السعودية محمد بن سلمان فغير مقدرة بعد، بعدما فتحت إدارة بايدن ملفه على مصراعيه، ابتداء من قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
تقرير الإستخبارات الأميركية الذي سمح الرئيس الأميركي بنشر أجزاء منه، حمل محمد بن سلمان المسؤولية عن مقتل الخاشقجي، وإن لم يدرجه على لائحة العقوبات الاميركية، لكنه أطبق عليه الحصار السياسي والإعلامي.
والسؤال ما هي الخطوة التالية؟، هل حاصر بايدن ابن سلمان ليبتزه ماليا وسياسيا على طريق التسويات؟، أم تركه خارج العقوبات للمبازرة على سمعته وعدم معاقبته مقابل ملكه؟، لا شيء محسوما الى الآن سوى أن مئات المليارات التي دفعها محمد بن سلمان لدونالد ترامب كي يحمي له عرشه قد ضاعت سدى، وكل مسارات التطبيع التي حركها مع الإسرائيليين لم تحمه الى الآن، فعاد الأمر الى بداياته، وسيدفع الشعب السعودي الثمن من جديد.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أو تي في”
قالت بكركي كلمتها اليوم، وكان واضحا من حيث الشكل، الحرص على أمرين: الأول، منع محاولة بعض الأحزاب الهيمنة على المشهد، حيث اتخذت تدابير صارمة لمنع تسلل الرايات المختلفة إلى باحة الصرح، على رغم أن أصحابها جابوا الطرق المحيطة، مصرِّين على تلوين مواقف البطريرك الماروني بما لا يريد، من خلال بعض الهتافات.
أما الأمر الثاني، فإصرار الصرح البطريركي على تظهير صورة حوارية جامعة، استكمالا لمسار بكركي التاريخي، ولو أن جزءا أساسيا من المطالب المرفوعة لا يحظى بموافقة مكونات أساسية سياسية ومجتمعية.
وفي مقابل تمسك بعض الأحزاب باستثمار صرخة بكركي لأهداف سياسية محلية، جاء تأكيد الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” اليوم على أن علاقة “التيار” بالبطريركية المارونية “تقوم على احترام هذا الموقع ودوره تاريخا وحاضرا، فالتيار يشارك بكركي هواجسها في حماية الوجود، وسعيها الى تثبيت الشراكة المتوازنة، ورفضها لكل ما يمس الهوية اللبنانية، حدودا ونسيجا اجتماعيا ونمط حياة”، حيث اعربت الهيئة عن انفتاح “التيار” على مناقشة أي اقتراح من جانب رأس الكنيسة المارونية، انطلاقا من السعي المشترك إلى حماية لبنان، وارتكازا على الثوابت الوطنية، وتأمينا للتفاهم الوطني حول الخيارات الكبرى، تأسيسا لحلول غير منقوصة تجنب لبنان أي أزمات إضافية.
وفي موقف بالغ الوضوح، شددت الهيئة السياسة في “التيار” على رفض إقحام لبنان في سياسة المحاور، والتزام محور لبنان من دون غيره، وتحييده عن أي صراع لا يرتبط بمصلحة الوطن، مع تأكيد الانخراط في الصراع مع إسرائيل. وذكرت الهيئة السياسية في التيار بأب إعلان لبنان دولة محايدة أمر مفيد وطنيا، ويستوجب تحقيق مجموعة شروط، من بينها موافقة اللبنانيين عليه وقبول الدول المجاورة بذلك.
وإذ أكدت الهيئة حرصها على مبدأ التعاون الدولي، وعلى الحفاظ على علاقات لبنان مع الدول العربية والانفتاح على كل دعم خارجي يأتي للبنان، من ضمن احترام سيادته واستقلالية قراره، رحبت بكل ما يساعد اللبنانيين على كشف حقيقة إنفجار مرفأ بيروت، ودعم صندوق النقد والبنك الدولي والدول الشقيقة والصديقة، واستعادة الأموال المنهوبة والمحولة الى الخارج، وتزويد لبنان بأي معلومات مفيدة حول عمليات الفساد التي أدت إلى الانهيار المالي والإقتصادي، إلى جانب تثبيت حقوق لبنان في أرضه وثرواته، والمساعدة على إعادة اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين.
وخلص بيان الهيئة السياسية في “التيار” إلى التحذير في المقابل من أي مشروع دولي يفتح الباب على أزمات داخلية، ويتم استغلاله خارجيا لحل أزمات إقليمية على حساب لبنان، لتوطين اللاجئين والنازحين أو للمس بأراضي لبنان وثرواته وحقوقه.
وبعد كلمة بكركي وبيان “التيار”، يبقى رصد ردود فعل القوى الداخلية، وبينها “حزب الله”، وتلك الخارجية المؤثرة أو المعنية، ليبنى على الشيء مقتضاه. غير ان الأكيد على المستوى المحلي اليوم، أن محاولة بعض القوى المحلية الانقلاب على دور بكركي الجامع للمسيحيين واللبنانيين، قد باءت بالفشل.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أم تي في”
السابع والعشرون من شباط: يوم تاريخي واستثنائي في عمر لبنان. أمران يحددان تاريخيته واستثنائيته. حجم الوفود الشعبية التي زحفت الى الصرح البطريركي في بكركي، والخطاب غير المسبوق للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
إذ ليس سهلا في زمن كورونا،أن يكسر الناس حاجز الحيطة والحذر والخوف، وأن يأتوا الى بكركي تأييدا لطروحات سيدها. المشهد كان مؤثرا ومعبرا: لبنانيون من كل الطوائف والمذاهب ومن اتجاهات سياسية مختلفة، جاءوا الى الصرح الديني_ الوطني، ليبايعوا البطريرك في معركته الوجودية لاستعادة لبنان.
نسوا الكورونا لساعات، غضبهم كان أقوى. قهرهم كان أقسى. ووجعهم من المنظومة السياسية الفاسدة كان أفعل. أرادوا، ومهما كان الثمن، أن يلتقوا وأن يروا وأن يسمعوا من “أعطي له مجد لبنان”. أرادوا ان يقولوا له باسم الشركة والمحبة: شكرا على ما تفعله من أجلنا ومن أجل وطننا.
البطريرك الراعي تلقف الرسالة جيدا، واستوعب كل معانيها، فكانت له كلمة مدوية، يصح أن تعتبر وثيقة تاريخية، بل خريطة طريق للمستقبل. كلمة البطريرك اليوم هي بأهمية وبخطورة نداء المطارنة الموارنة الذي صدر في العشرين من أيلول عام 2000، إن لم تكن أكثر أهمية وأخطر.
يومها شكل النداء منطلقا لبدء المعركة السلمية الحضارية ضد استمرار الاحتلال السوري على لبنان. واليوم ينتظر أن تشكل كلمة البطريرك منطلقا لبدء تحرير الدولة من الفساد والتبعيات والارتهانات، ومن السلاح المتفلت ومن ثنائية قرار الحرب والسلم.
بتأن قرأ البطريرك خطابه، تماما كما كتبه بتأن. القاؤه الهادىء والحازم في آن، احتضن روح اللحظة التاريخية وروح الشعب. سبع عشرة مرة توجه البطريرك مباشرة الى الناس قائلا لهم: لا تسكتوا، فبدا كأنه في طليعة الثورة، بل بدا كأنه القامة التاريخية التي تبحث عنها ثورة السابع عشر من تشرين ولم تجدها حتى الآن.
وبحزم متأن أكد الراعي للناس وللمجتمعين العربي والدولي أننا نواجه حالة انقلابية، داعيا الى تحرير الدولة، لأنه لا يصح وجود دولتين في دولة واحدة، ولا وجود جيشين في دولة واحدة. والحل واضح عنده: الحياد الناشط وعقد مؤتمر دولي عن لبنان لتطبيق الطائف نصا وروحا…
والان، ماذا بعد؟، السابع والعشرون من شباط انتهى، والأكيد ان غدا يوم آخر. فما بعد الوثيقة التاريخية للراعي لن يكون كما قبله. مسيرة الاستقلال الثالث بدأت. فكما أن البطريرك عريضة هو عراب الإستقلال الاول عام 1943، وكما أن البطريرك صفير هو عراب الإستقلال الثاني عام 2005، فإن البطريرك الراعي صار اليوم عراب الاستقلال الثالث.
فيا أبانا البطريرك: لبنان الذي أهدروا دمه، وأفقدوه مجده، ينتظر منك أن تعيد إليه مجده المفقود. أنت اليوم لم تعد بطريرك الموارنة فقط، بل صرت بطريرك لبنان، بطريرك الثورة والتحرر. الشعب معك “يا سيدنا”، التاريخ معك، والحاضر والمستقبل معك. لقد علقنا طويلا على الصليب، وتعبنا من ممالك الظلمة والظلم ومن أبواب الجحيم . فلتشرق علينا من جديد شمس الحرية والتحرر .. فلتشرق من جديد شمس لبنان.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أل بي سي آي”
بعنوان واحد.. يمكن اختصار كلمة البطريرك الراعي:التصدي للانقلاب.
وهذا الإنقلاب، وهو الثاني من بعد الإنقلاب الاول على اتفاق الطائف، وراءه مخططون نشروا الفوضى وأسقطوا الدولة واستولوا على مقوماتها.
الانقلابيون هؤلاء، رفضوا كل الحلول وجعلوا الحوار الداخلي استحالة، وكي لا يحققوا الإنتصار الأخير على الدولة، رفعت بكركي الصوت مستنجدة بالعالم أجمع.
أنقذوا لبنان الكيان المستقل وما يمثل من خصوصية حضارية في الشرق، عبر مؤتمر دولي يثبت الحياد والحدود، ويؤسس على قوة التوازن وليس توازن القوى.
البطريرك الراعي لم يحدد هوية الانقلابيين، صحيح. وهو شدد في كلمته أكثر من مرة على فشل كل الجماعة السياسية، وعلى التمسك بكل الفئات اللبنانية، إلا أن رسائله لا بد أنها وصلت الى “حزب الله”.
فعندما يتحدث عن تحرير الدولة بعد الأرض، يكون يتحدث الى “حزب الله”، وعندما يرفض وجود دولتين وأكثر من جيش ضمن دولة واحدة، يكون يتحدث عن سلاح “حزب الله”.
رفع سيد بكركي سقف المواجهة، وفي رسالته أسمع العالم والداخل وجع اللبناني المريض. قال إنه لا يبحث عن المواجهة إنما عن الحل، عبر مقاربة كلمته بروح إيجابية.
فما يريده البطريرك الراعي، هو الخروج من المزرعة الى الدولة، التي قرر اللبنانيون بناءها. هو صارح ولم يجرح، وضع الإصبع على الجرح ولم يغرز سكين تحميل المسؤولية لطرف دون آخر.
فند سيد بكركي الشروط التي تهدم الدولة، تماما كما فند شروط بناء الدولة. وما فعله اليوم، هو دعوة صريحة وواضحة لحوار داخلي يؤسس للبنان جديد، بشروط دولة حقيقية لا قوي فيها ولا ضعيف.
لبنان يستطيع أبناؤه أن يتحاوروا فيحددوا مقومات دولة قابلة للحياة من دون حروب، وأن يصححوا ما لا ينطبق على هذه الدولة بشجاعة. قرع البطريرك جرس الإنذار الذي يكاد أن يكون الأخير ….إذهبوا الى الحوار من دون استقواء ولا شروط مسبقة، وإلا فليأت العالم لنجدة لبنان وانقاذه.
فهل يقرأ الساسة اللبنانيون وعلى رأسهم “حزب الله” بروية وهدوء وحنكة وصدق، نداء الصرح البطريركي؟. وهل يتحرك هؤلاء للبحث عن تطوير النظام ومن ضمنه المسائل الأساسية المرتبطة بالاستراتيجية الدفاعية واللامركزية الإدارية وقيام الدولة المدنية، من دون أي جنوح صوب فرز اللبنانيين او إنقسامهم؟.
قال البطريرك كلمته .. وهو لن يمشي … فلبنان يكاد يزول، ونحن مع البطريرك الراعي ..نريد للبنان الحياة…
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “الجديد”
هي عظة آخر الدواء في وجه من رهن الدولة وراح يفاوض على ثلثها. وفي خطاب تأكيد الحياد، “لم يكن مطلب المؤتمر الدولي الخاص بلبنان، إلا لأن كل الحلول الأخرى وصلت إلى حائط مسدود، ولم نتمكن فيما بيننا من الاتفاق على مصير وطننا”.
جملة هز من خلالها البطريرك الراعي العصا للمعرقلين واختصرها بمخاطبة السياسيين قائلا: “إنكم لم تملكوا جرأة الجلوس على طاولة واحدة وتتحاوروا في شؤون الوطن، وقبل أن نذهب الى الخارج تفضلوا واجلسوا على الطاولة، أما أن تتركوا الشعب يموت فهذا ما لن نقبل به”.
ومن نافذة بكركي أطل البطريرك الراعي ملوحا للحشود، موجها رسائل في كل اتجاه. لكن الراعي كان في واد والرعيان في واد، فغلب على الحضور اللون الزيتي الواحد وصورة فولكلورية جامعة لرجال دين من مختلف الطوائف تقدموا جلوسا الصف الأمامي، حيا الراعي جمهورا أراده فعلا من كل المناطق، لكن الشعارات فضحت الانتماء إلى حزب “القوات” الذي دخل بكركي من أبوابها المفتوحة أمام الجميع، اضافة الى وفود تكفلت رفع هتافات تبعدها عن الحياد، من شعارات مسيئة الى عون وباسيل و”حزب الله” وايران.
أراد الراعي شيئا .. وأراد الحاضرون شيئا آخر، ومن باحة الصرح كانت مناسبة للاستفادة من القفز على وتر الخلاف القائم بين رئيس الجمهورية ورأس الكنيسة المارونية على خلفية تشكيل الحكومة، والطعنة التي وجهتها بعبدا إلى مبادرة بكركي.
سمى الراعي الأشياء بأسمائها ومن دون تدوير للزوايا. خاطب كل طرف بما يمثله ونوعا ما بما يطمئنه، مرة بالتحذير وأخرى بتقديم النصح، فسأل وأجاب عما نريد من المؤتمر الدولي؟. “نريد إعلان حياد لبنان فلا يعود ضحية الصراعات والحروب وأرضا للانقسامات بل تأسيس على قوة التوازن لا على موازين القوى، التي تنذر بالحروب، وأن تتخذ جميع الإجراءات لتنفيذ القرارات الدولية المعنية بلبنان، وأن يوفر الدعم للجيش اللبناني ليكون المدافع الوحيد عن لبنان، والممسك بقرار السلم والحرب، وأن توضع خطة سريعة لمنع التوطين ولإعادة النازحين”.
وإذ أكد الراعي هوية لبنان قال: “لا نريد من المؤتمر جيوشا ومعسكرات ولا المس بكيان لبنان، فهو غير قابل لإعادة النظر، وحدود لبنان غير قابلة للتعديل والشراكة المسيحية الإسلامية غير قابلة للمس. ديمقراطيته غير قابلة للنقض، دوره غير قابل للتشويه وهويته غير قابلة للتزوير، وكل ما نطرحه من الحياد والمؤتمر الدولي هو لإحياء الدولة اللبنانية المعطلة والمصادرة”.
وقال “حررنا الأرض فلنحرر الدولة من كل ما يعوق سلطتها وأداءها، فلا يوجد دولتان ولا دول على أرض واحدة، ولا جيشان ولا جيوش في دولة واحدة، ولا شعبان ولا شعوب في وطن واحد، وإن أي تلاعب بهذه الثوابت يهدد وحدة الدولة، ونحن هنا نواجه حالة انقلابية بكل معنى الكلمة”.
فصل الخطاب في كلام الراعي، كان عبر دعوته الى عدم السكوت عن الفساد وسلب الأموال والحدود السائبة وخرق الأجواء، وفشل الطبقة السياسية والخيارات الخاطئة والانحياز، وعدم السكوت عن فوضى التحقيق في جريمة المرفأ وتسييس القضاء.
وعن السلاح غير الشرعي وغير اللبناني وعن سجن الأبرياء وإطلاق المذنبين وعن توطين الفلسطينيين ودمج النازحين ومصادرة القرار الوطني والانقلاب على الدولة والنظام وعن عدم تأليف الحكومة وإجراء الإصلاحات. قال الراعي كلمته وكاد ينهيها ..اللهم فاشهد إني قد بلغت.