وسط هذه الأجواء، يبقى الوضع السياسي يراوح مكانه على وقع الجمود الكبير الحاصل في الملف الحكومي والتعطيل المستمر لعملية التشكيل على وقع حكومة تصريف اعمال نفضت يدها من المهمة على الآخر.
في هذا الوقت، اعتبرت “النهار” أن الواقع الإقليمي الذي يضغط على لبنان بات ينذر بمزيد من التصلب ولا يبدو معه ان الافراج عن الحكومة العتيدة سيكون متاحا قبل جلاء جوانب أساسية من المشهد الإقليمي المتصل بالكباش الأميركي الإيراني . وهذا في اعتقاد الأوساط السبب الأساسي في جمود التحركات والمشاورات الداخلية وترك الساحة للانتظار العقيم الامر الذي يهدد لبنان بتفاقم مخيف في ازماته على تنوعها اقتصاديا وماليا واجتماعيا وصحيا وخدماتيا . وتلفت الأوساط نفسها الى ان المؤشرات حيال مجمل الازمات بدأت تدخل “المنطقة الحمراء” بحق بدليل أزمات الكهرباء وتمويل الخدمات الأساسية الصحية والاجتماعية وسط اقتراب العد العكسي لوقف استنزاف الاحتياط المتبقي لدى مصرف لبنان من العملات الأجنبية . وما جرى في الأيام الأخيرة فاقم المخاوف من اقتراب الانهيارات الكبيرة في قطاعات عدة أساسية وحيوية مثل الكهرباء حيث يجري الكلام عن انسحاب السفينتين المولدتين للكهرباء ورفع تعرفات المولدات الخاصة بنِسَب كبيرة.
وذكرت صحيفة “نداء الوطن” بإنّ “بنك أوف أميركا” كان قد توقع نهاية العام الفائت بأن يناهز سعر الدولار في لبنان الـ50 ألف ليرة، ولم يعد من شيء يضمن بأنّ هذه التسعيرة لن تتحقق، خصوصاً وأنّ البنوك العالمية لا تبني تقديراتها على نبوءات أو توقعات فلكية بل على معطيات اقتصادية ومؤشرات مالية موثّقة ومبنية على عوامل ووقائع”.
الملف الحكومي
وفي غضون ذلك حضر الملف الحكومي في لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع سفيرة فرنسا آن غريو والمستشار السياسي في السفارة جان هلبرون. واجرت السفيرة غريو مع الرئيس عون جولة افق عامة وتطرق البحث الى “الازمة الحكومية ورغبة فرنسا في ايجاد حلول سريعة تسفر عن تشكيل حكومة تواجه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد”.
وبحسب “اللواء” فإن العهد ماضٍ بالمكابرة، لجهة فرض شروطه التأليفية على الرئيس المكلف، والتي أعلن رفضه مراراً لها، أو لجهة التنصل من المبادرة الفرنسية، أو إقناع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بدعوة الحكومة إلى عقد جلسات لمجلس الوزراء، لاتخاذ قرارات، يرى الحكم انها ضرورية، للمضي في عناده، سواء مالياً، أو لجهة الموازنة، وسواها، بعد ان لاقت طروحات النائب جبران باسيل عدم اكتراث سياسي..
وافادت مصادر رسمية لـ”اللواء” أن زيارة آن إلى بعبدا تندرج في إطار الاستطلاع والتشاور والاهتمام في حين أن لا شيء جديدا يتصل بتحرك فرنسي في الملف الحكومي كما أن ما من موفد فرنسي إلى لبنان وفق المعلومات.
وعلمت “اللواء” ان السفيرة غريو كانت مستمعة ولم تقدم اي مقترح أو أفكارجديدة، بل كانت جولة افق عامة استطلعت خلالها من الرئيس عون آخر الاجواء المحيطة بالموضوع الحكومي والمراحل التي قطعتها الاتصالات القائمة.
في مجال آخر سألت أوساط مراقبة عما إذا كان هناك من أي تحرك محلي سريع وجاد يتصل بالملفات الكبيرة في لبنان الاستحقاقات المعيشية لافتة إلى أنه في كل مرة تزداد ضبابية المشهد في ظل غياب أي حل أو مبادرة في حين أن الاجتماعات التي تعقد قد تكون مبتورة أي من دون حلول شاملة اما المواطن اللبناني فيتكبد لوحده إن لم يقال الضحية.
وعلم في هذا السياق، ان باريس تنسق خطواتها مع القاهرة التي تعوض غياب السعودية على المستوى الاقليمي والاتصالات الثنائية تجري على “قدم وساق”، ولا تزال باريس على قناعة بأن توسيع مروحة التدخلات في الازمة اللبنانية سيزيدها تعقيدا، وثمة قناعة فرنسية بان العملية الانقاذية تمر عبر المبادرة الفرنسية التي تحتاج فقط الى “مظلة” دولية واقليمية لكي تسلك طريقها نحو النجاح، وهو امر دونه عقبات حتى الان، فكيف اذا نقلت الازمة الى “التدويل”؟ حينئذ سينخرط الجميع “بلعبة” تقاسم المصالح التي ستؤدي الى تفجير الساحة اللبنانية لا انقاذها!