ورأى أن “لا تدخلات خارجية في ملف تشكيل الحكومة، ولكن نذكر بأن استتباع حزب الله إيران أمر دائم، ما يؤدي الى تدخله بشكل أو بآخر، فيما لا تدخل من بقية الدول، إنما متابعة لعملية التأليف بعيدا من التفاصيل”.
كما رأى أن “فشل الدولة ثابت، وكل فشل يبرره بعضهم بمؤامرة، وهذا شبيه بعقل النظام السوري الذي ما زالوا يعتمدونه، وبالطبع هذا غير صحيح”. وقال: “على سبيل المثال، انهيار سعر الليرة مقابل الدولار ليس مؤامرة. فسعر الصرف مرتبط بميزان المدفوعات وبالميزان التجاري وبالعرض والطلب وعملية كسر العلاقة بالخليج التي تسببت بانخفاض النمو وتراجع الودائع والاستثمارات وتدفق اموال المغتربين العاملين ساهمت بشكل كبير بانهيار العملة”.
وأعرب بو عاصي عن قلقه الشخصي “من تطييف التشكيل”، سائلا: “كيف للرئيس ميشال عون أن يتحدث عن حصة الرئيس وهو خاض حربا شرسة ضد الرئيس ميشال سليمان حين طالب بحصة وزارية للرئيس؟”.
وردا على سؤال، أجاب: “ما يتم التهويل به وتسريبه عن إقدام رئيس الجمهورية على توجيه كتاب لمجلس النواب للعودة عن التكليف غير قابل للتحقيق، ولا اعتقد أن هناك سابقة تاريخية في هذا الإطار. للأسف لبنان عاش سرطان الاحتلال السوري الذي ادخل اليه ببعض الممارسات ومنها منطق التسريبات وهو عدة عمل الديكتاتوريات”.
أضاف: “كل العالم، كلن يعني كلن، من القاهرة الى الخليج الى الغرب وصولا للصين وروسيا، قلق على لبنان، ولكن عسى ان يكون كل اللبنانيين قلقون على بلدهم. الشعب المذبوح الذي نزل إلى الطرقات لا يمكنه التحمل، فالضغط كبير عليه، على الصعد كافة، ونأمل ان نعمل جميعا لإيجاد الحلول. لكن كل العالم يعي هذه المشكلة إلا المتحكمين بالسلطة في لبنان الذين يكتفون بفرملة الحلول، وهذا بمثابة اغتيال للشعب”.
وأشار بو عاصي الى أن “البطريرك بشارة الراعي طالب بالحياد وبالمؤتمر الدولي، فقامت القيامة ولم تقعد، هل كان البطريرك ليطالب بالمؤتمر الدولي لو كانت الحلول الداخلية ناجعة؟”.
وقال: “حزب الله يعتقد انه وضع يده على لبنان، ولا يمكن لأحد غيره أخذ القرار- في ظل غطاء مسيحي متمثل بالعماد ميشال عون واتفاق مار مخايل- والنتيجة كانت عزل لبنان عن محيطه العربي والخليجي ووصولنا إلى ما نحن عليه. ما يقدمه حزب الله هو حل ايديولوجي ومزيد من العزلة ومن التشبه بنموذج غزة، هذا ما لن نقبل به كشركاء في الوطن لأن النتيجة كارثية حتما. من هنا جاءت دعوة البطريرك الى اعتماد الحياد لأن ربط لبنان بالمحور الايراني أضر به، والى عقد مؤتمر دولي لأن الحلول الداخلية مع اللاعبين المحليين لم توصل الى أية نتيجة”.
وردا على سؤال، أجاب: “بالتأكيد نحن لا نعول على الطبقة الحاكمة للسير بطرحنا إجراء انتخابات نيابية مبكرة بل على ضغط الناس. لا احد يعرف نتائج صناديق الاقتراع والافضل حصولها اما عبر الضغط في الشارع او الاستقالة من مجلس النواب. كما لا نغطي سياسة الرئيس عون وغير راضين عن انجازات عهده وممارساته هو وحزب الله كثنائي متحكم بمفاصل البلد. الحلول ليست سهلة ومقاربة القوات منذ اليوم الاول هي الاحتكام للناس ويتلازم معها التمسك بالسيادة”.
وتابع: “لأن الوضع الذي يمر به لبنان استثنائي والبلد في حالة انهيار، نطرح حلولا استثنائية. الطبقة الحاكمة لا تريد التغيير لكن لن نرضى إلا ان تكون هناك انتخابات نيابية قبل الرئاسية، وإلا نكون امام انقلاب دستوري وسياسي واخلاقي. لا يجوز لمجلس نيابي في آخر أيامه ان ينتخب رئيسا جديدا”.
وأردف: “سياسيا هناك استحالة لاستمرار مجلس النواب اذا استقال نواب القوات والمستقبل والاشتراكي، حتى ولو لا ينص الدستور على ذلك. نسعى إلى إعادة الكلمة إلى الناس وبالتالي توجهنا الى الشعب للضغط والى الحلفاء بالدعوة الى الاستقالة من مجلس النواب وإعادة إنتاج السلطة عبر الانتخابات من أجل إيجاد الحلول وإنقاذ لبنان”.
وعن زيارة البابا فرنسيس الى العراق، رأى انها “تعيد الأمل على مستويين: أولا للشعب العراقي وثانيا للأخوة الانسانية بين المكونات كافة. كما ان الرسالة التي يحملها هي اهمية التعاضد الانساني والتضمان والتوجه الى العراق كدولة سيدة مستقلة”. وقال: “العراق بلد جذوره ضاربة في التاريخ وهو لطالما كان ناشطا وفي قلب المنظومة العربية، لكنه يعاني من الحروب وتداعياتها منذ مطلع الثمانينات، والحرب مع إيران، مرورا بالدخول الاميركي وصولا الى ما نشهده اليوم. التأثير الحاصل جراء ذلك على النسيج العراقي وعلى مؤسسات الدولة وحياة الناس كارثي وخصوصا لناحية الفساد والاصطفاف الطائفي الذي لم يشهده العراق في تاريخه”.
وختم بو عاصي: “الدولة كمؤسسة كبرى لا تختزل المجتمع، ولكن وجود دولة فاعلة ونزيهة تحتكم الى صناديق الاقتراع وتؤمن العدالة لناسها ليس ترفا، بل هو أمر ضروري لإستمرار المجتمعات. اسوأ ما يحصل هو انعزال الدولة عن المجتمع. شراسة الدولة وسوء استعمال السلطة لا يتلخصان بالاغتيالات والسجن فقط، بل بالقمع على انواعه. ذلك يؤدي الى الكارثة نفسها على المجتمع والى الانفجار، لأن الشعوب لن ترضى بالظلم او القمع، وهذا ما هو حاصل للأسف في لبنان اليوم. التوسع السياسي بخلفية دينية وهم كبير ومرتبط بإيديولوجيا لا ترتبط بالواقع وهو امر خطير ولا يدوم وينتهي حكما بالانهيار”.