لماذا كل هذه الكراهية؟

11 مارس 2021
لماذا كل هذه الكراهية؟

في عزّ ايام الحرب البغيضة، وكانت القذائف تنهمر كالمطر على المناطق المتقابلة جغرافيا في العاصمة بيروت، والمنقسمة في ذاك الزمان، إنتماء طائفيًا وإصطفافًا حزبيًا، لم نشهد مثل هذا الكمّ من الحقد والكراهية، التي نشهدها اليوم، وداخل الطائفة الواحدة.
الذي يتصفّح البيانات التي تصدر بين الحين والآخر عن “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية” يكتشف، وبأسف، أن شعار “أوعى خيّك” قد أصبح فعلًا ماضيًا ناقصًا، وأن لا إمكانية لأي تفاهم بين الطرفين بعد سقوط إتفاق معراب بالضربة القاضية، وقد ساهم كل منهما، وبطريقته الخاصة، في إسقاطه المدوي، مع ما كان يحتويه هذا الإتفاق أو التفاهم على إختصار المسيحيين بهذا “التيار” وهذا “الحزب”، وعدم الأخذ في الإعتبار أي مكوّن مسيحي آخر.

ولأن ما يُبنى على باطل هو باطل كان هذا السقوط، الذي إستُتبع بجو مشحون مليء بالحقد والكراهية بين “الأخوة الأعداء”، وقد تأثرت به قواعد الفريقين، التي “فلتت” على مواقع التواصل الإجتماعي، ولم تترك لـ”الصلحة” أي مكان، هذا في حال الأخذ في الإعتبار أن ثمة من يسعى إلى هذه “الصلحة”، بإعتبار أن طرفي النزاع على السلطة والتسلط على الشارع المسيحي غير مهتمين بما يمكن أن تؤدي إليه مثل هكذا حملات على المستوى القيادي، إذ يُلاحظ أن التعابير المستخدمة في البيانات الرسمية الصادرة من “ميرنا الشالوحي” أو من “معراب” تلجأ إلى أدنى مصطلحات اللغة بما فيها من ألفاظ سوقية لا تنمّ سوى عن الحدّ الأدنى من عدم المسؤولية التي يدّعيانها نيابة عن شريحيتن واسعتين من القواعد المسيحية.

وفي رأي بعض المراجع التي تتلاقى مواقفها مع خطّ بكركي أن الصراع المفتوح على مصراعيه على كرسي رئاسة الجمهورية، وإن قبل آوانها، هو السبب الرئيسي في “ضخ” هذا الكمّ المخيف والمقلق من”السم” في الجسم المسيحي المتهالك، وذلك نتيجة ما أصابه من سهام خلال ما سمي بـ “حرب الإلغاء”، التي هجّرت معظم المسيحيين، الذين هربوا من هذا “القرف” إلى بلاد الله الواسعة، مفضّلين العيش بالغربة على مضض على أن يعيشوا في وطنهم تحت رحمة المفترض بهم أن يكونوا مؤتمنين على إرث الموارنة الكبار.

وتقول تلك المراجع، وبحسرة، أن مصيبة الزعامات المارونية الأساسية ناجمة عن “لعنة الكرسي الرئاسي”، وهي تلاحقهم وتنعكس عليهم سلبًا في كل مواقع المسؤولية، سواء أكانت رسمية أم حزبية، الأمر الذي ينعكس في شكل دراماتيكي على الأداء السياسي والتخبط العشوائي الذي تعيشه الساحة المسيحية نتيجة هذه التصرفات غير المسؤولة.

وما يزيد الطين بلّة أن قيادتي الطرفين تلجأن إلى التصعيد ولا تتركان سترًا مخبأ، ولا توفرانّ فرصة إلا وتنتهزانها لنشر غسيلهما الوسخ على السطوح، وقد وصلت أصداء هذا العداء إلى خارج الحدود، وبالتحديد إلى حاضرة الفاتيكان، حيث يعرب المسؤولون فيها عن إمتعاضهم وخيبة أملهم في ما آلت إليه أوضاع المسيحيين في لبنان.