منذ سنوات طويلة، لم يعد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” يقوم بانعطافة سياسية كاملة، بل بات يعدل موقعه السياسي ليصبح اقرب الى هذا الفريق او ذاك من دون اي اصطفاف كامل.
في الفترة الاخيرة، أوحى جنبلاط انه يمهد لاعادة تموضع سياسية، فبالرغم من تفاهمه مع الرئيس سعد الحريري خلال الاتصال الباريسي الشهير ، الا انه اعلن، ومن دون مقدمات، عدم ممانعته الاتفاق على حكومة من 20 وزيراً.
هذا الموقف الذي جاء، لينهي العقدة الدرزية، فتح باب الاسئلة عن سبب الانعطافة الجنبلاطية، لانه ليس موقفا حكوميا وحسب، بل له امتدادات ابعد في السياسة.
تقول مصادر مطلعة “ان التطورات الاقليمية قد تشكل احدى اهم عوامل الانعطافة الجنبلاطية، خصوصا ان الرغبة الاميركية بالاتفاق مع طهران باتت واضحة وعلنية، في حين ان مثل هكذا اتفاق سيؤدي الى تعزيز دور حلفاء ايران في لبنان والمنطقة“.
وترى المصادر” ان العلاقة الجنبلاطية مع موسكو قد تكون فتحت امام جنبلاط ابواب عدة لاستشراف مسار التطورات في الاقليم، من تمدد الدور الروسي الواضح، الى انكفاء الاميركيين نسبياً، وصولا الى الاندفاعة العربية نحو سوريا“.
وتقول المصادر “ان مثل هذه الاسباب قد تلعب دورا كبيرا في المواقف الجنبلاطية، لكن الاهم هو الوضع المعيشي والامني، حيث يتوجس جنبلاط بشكل كبير من انفلات الوضع الامني في لبنان، لانه يعتبر ان الفوضى ستؤدي الى اضرار كبرى على الدروز وان الصراع السني- الشيعي سيضرب دور الموحدين الدروز السياسي بشكل هائل“.
منذ اشهر يحاول جنبلاط تجنب الاشكالات المذهبية، لانه يعتبر انها تلحق ضررا وجوديا على طائفته، لذلك فهو يسعى دائما الى حل اي ازمة مذهبية سنية – شيعية او اي ازمة سياسية كبرى كي لا توصل الى الفوضى.
وتلفت المصادر ان جنبلاط يسعى الى حماية بيئته الشعبية معيشياً، وكل المعطيات توحي بحجم المساعي الاشتراكية لتقديم مساعدات اجتماعية للدروز، فالمختارة غير مستعدة لترك ثغرات شعبية يستفيد منها المجتمع المدني الناشط في مناطق نفوذها للاستقطاب من “الصحن الاشتراك”،وقد يكون جنبلاط رأى ان سرعة الانهيار من دون حكومة سيكون هائلا فسارع الى تقديم التنازلات الحكومية.