لا يشبه عهد الرئيس ميشال عون مطلق تجربة رئاسية سابقة، فهو اصيب بسلسلة نكسات وربما ارتكب هفوات قاتلة ادت إلى ارتباط عهده بافلاس لبنان ووقوعه في هاوية يستحيل الخروج منها في المدى المنظور.
كانت المعوقات تعترض الجنرال السابق منذ ولوج قدميه قصر بعبدا من جديد ،مزهوا بالسلطة التي استعادها ومبشرا اللبنانيين بأنه سيسلم خلفه لبنان افضل مما استلمه. التهليل الفاقع و تعميم مشاعر النشوة و الانتصار لم يحجبا نقطة الضعف والثغرة التي انهت عهد عون منذ شهوره الأولى والكامنة في إشكالية السلطة والقدرة على التوريث.
لم يشهد تاريخ لبنان مقدارا من الفجور كما يحصل الان، هي حقيقية ساطعة لا تحتاج إلى براهين، يمعن فريق عون بنهج الإنكار و المكابرة والانفصام عن الواقع ، ويفتش عن مطلق إنجاز يدحض به تهمة الإفلاس فيما الناس تتوعد الحكام بالثورة الشاملة بفعل الجوع والفقر و البؤس.
عهد عون انتهى بفاجعة مهما بلغ الشطط السياسي عند “التيار الوطني الحر” دون تقديم إجابات واضحة عن كيفية الخروج من الواقع المآساوي سوى الاصرار على سلطة فقدت شرعيتها الدولية ومشروعيتها الشعبية . اما خليفة العهد النائب جبران باسيل فأضحى أسير الغرف المغلقة في مقراته ومساكنه محروما من آفاق سياسية مفتوحة.
الصورة القاتمة تنذر بالمزيد من لهيب الشارع، ووفق قطب سياسي فإن العماد جوزيف عون يخوض تجربة الحكم على طريقته كونه يدرك بأن المنابر ليست السبيل المتاح للوصول إلى قصر بعبدا بمقدار ما يحتاج الواقع الراهن إلى شجاعة وحكمة بالتعاطي، وهو اصلا من بين المرشحين المفترضين للرئاسة
ويؤكد قطب سياسي في هذا المجال على الحاجة الملحة لإعادة شمل اللبنانيين و التفافهم حول دولتهم، وهذا ما قد تؤمنه المؤسسة العسكرية التي يقودها العماد عون ، خصوصا في ظل عجز العهد الحالي عن جمع اللبنانيين بل الشروع في تعزيز الانقسامات و بث النزاعات في ما بينهم.
يتابع القطب المذكور “انه من الخطأ الشائع إعتبار تحرك الجيش في لبنان توطئة لوصول قائده إلى سدة الرئاسة، بل على العكس تماما، لان السبب يكمن بضرورة تأمين مرحلة انتقالية لتكوين السلطة من جديد على اسس صحيحة و مغايرة لنظام انتهت صلاحيته”.
فليس من قبيل الصدفة استثناء الجيش من الحصار الدولي على لبنان، والركون اليه لإنقاذ الوضع عند كل مصيبة و حدث جلل.