كتب جوني منير في “الجمهورية“: الانهيار الاقتصادي والمالي يشتد، وهو مرشح للمزيد من التفاقم وسط ازمة سياسية حادة بسبب الاخفاق في تأليف حكومة تخضع للمواصفات التي وضعها الغربيون، وفي جوهرها، إضعاف تأثير «حزب الله» على الادارة الرسمية، علماً أنه يُدرك انّ هذا المسار سينتهي بالمطالبة بحل لسلاحه.
وهو يرفض التسليم بذلك تحت اي ظرف كان، وتدرك طهران ايضا ان ملف نفوذها في الشرق الاوسط الذي تسعى واشنطن لإلحاقه في المفاوضات يتضمن جزءاً اساسياً عن «حزب الله» وسلاحه في لبنان. لذلك، هي ترفض ادخال اي تعديلات على ملفها النووي. ومعها، فإنّ الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يئنّ تحته لبنان، يقرأه «حزب الله» انه بهدف ترويضه عبر تأليب بيئته الحاضنة عليه. وهو في الوقت نفسه يراقب بكثير من التمعّن التبدلات التي يمكن ان تصدر عن حلفائه، او العروض التي قد يقدمها هؤلاء للانقلاب عليه تحت الضغط الحاصل.
في المقابل، وسّعت ايران دائرة مساعدتها لـ»حزب الله»، وهذا ما سمح لقيادة الحزب بتوزيع حوالى مئة الف بطاقة تموينية لعائلات شيعية لشراء الحاجيات الاساسية بأسعار مخفضة، وهو ما يعني ان «حزب الله» يستعد لمواجهة طويلة مرشحة لأن تشتد قساوتها. وهو ما يعني ايضا انّ العوائق الحقيقية امام الولادة الحكومية قد لا تزول
قريباً. وهو ما يعني ايضاً وايضاً أن الفوضى مرشحة للتصاعد وان زوال الجمهورية الثانية او جمهورية الطائف سيكون هو النتيجة الحتمية لصالح جمهورية ثالثة لم يخف «حزب الله» مشاعره بالذهاب اليها من خلال مؤتمر تأسيسي يقوم على اساس المثالثة، مع وضع «الدسم» في حصة الثلث الشيعي. وهو ما دعا البابا فرنسيس للحديث عن خطر على الكيان اللبناني بعد عودته من زيارة تاريخية الى العراق حيث التقى المرجع الشيعي الابرز السيد علي السيستاني، والذي لا يتوافق مع السياسة الايرانية.
في المقابل، إن الاشارات الصادرة عن العواصم الغربية تبدي رفضها النهائي بالمَسّ بدستور الطائف، ولو كان الثمن سلاح «حزب الله».
ثمة واقعتان تاريخيتان لا بد من الاخذ بهما، الاولى في العام 1974 اي قبل اندلاع الحرب اللبنانية حين زار السفير السوفياتي في لبنان يومها سارفار عظيموف الرئيس السابق شارل حلو مودعاً قبل انتقاله الى مقر عمله الجديد في باكستان.
يومها، همس عظيموف في أذن الرئيس اللبناني السابق انه يترك لبنان وهو شديد القلق عليه. فثمة إخبار عن نزاع دموي قريب سيحصل، وأن الثمن سيكون في النهاية الصيغة السياسية التي نشأ على اساسها لبنان عام 1943، وانّ هذا يدعوه للخوف على مصير التعددية الدينية الإتنية التي يتفرد بها لبنان في الشرق الاوسط، حتى ولو كان هو ينتمي الى حزب لا يعترف بالاديان.
والواقعة الثانية حصلت في العام 1981 خلال ما عُرف بحرب زحلة، يومها ردّت سوريا على إسقاط مروحية عسكرية لها كانت تقوم بقصف الطريق الوحيد المتبقي الذي يربط زحلة بصنين.
وقتذاك، طلب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس السيناتور جيسي هيلمز ومعه السيناتور جو بايدن (الرئيس الاميركي الحالي) من الرئيس الاميركي يومها رونالد ريغان بالعمل على وقف التمادي الذي يمارسه الجيش السوري في لبنان ضد المسيحيين ما يهدد بقاءهم، والعمل على وضع لبنان تحت المظلة الدولية، والعمل على سحب الجيش السوري من لبنان لأنّ ما يحصل يهدد التعددية التي يتميز بها لبنان عن سائر دول المنطقة.