هذا يعني بكل بساطة أن الوضع الأمني هو أخطر من خطير، خصوصًا أن وزير الأمن كررها أكثر من مرّة عندما قال إن المسؤولية تحتّم عليه مصارحة الناس وعدم تزوير الواقع.
بعد كلام وزير الأمن لم يعد أمام المواطن سوى أن يحرس نفسه بنفسه، من دون أن يعني ذلك الأمن الذاتي بمفهومه الميليشياوي، بل أن يلجأ كل مواطن إلى قوته الذاتية من أجل تأمين الحماية الضرورية لعائلته ولأملاكه الخاصة، التي باتت مشرّعة أمام كل الإحتمالات، خصوصًا بعد تكاثر عمليات السرقة والتعدّي على الأملاك الخاصة والعامة على حدّ سواء، مع العلم أن ثمة كثيرين من منتهزي الفرص سيستفيدون من هذا الجو المعمّم رسميًا من أجل تنفيذ ما لم يكن يستطيعون تنفيذه في السابق عندما كانت القوى الأمنية لهم في المرصاد.
بداية الإنحدار كانت من فوق، حيث كان يجب أن يبدأ شطف الدرج، بعدما هيأ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الجو لذهاب اللبنانيين إلى جهنم. من بعده كرّت سبحة خيبات الأمل، فبشرّنا وزير الطاقة ريمون غجر بأننا ذاهبون حتمًا إلى العتمة، وكأن اللبنانيين لا يكفيهم هذا النفق المظلم الذي يعيشون فيه غير مخيّرين. أما وزير الداخلية فلم يخبىء الحقيقة المرّة الواصلين إليها، وهي الفوضى التي ستعمّ كل حيّ وكل زاروب، لنخلص إلى تلويح وزير الصحة حمد حسن بأننا ذاهبون إلى كارثة صحية.
هذه الفوضى التي “يبشّروننا” بها، والتي أصبحت على قاب قوسين وأدنى، لم يعشها اللبنانيون حتى في ظلّ الميليشيات في زمن الحرب المشؤومة.
فماذا ينتظر اللبنانيين بعدما أصبح أمنهم الإجتماعي والإقتصادي مشرّعًا على كل الإحتمالات؟
قد يأتي يوم لا يعود فيه اللبناني يستطيع أن ينام في منزله من دون قلق وخوف من دون أن يدهمه السارقون، المحترفون منهم والجائعون، من غير أن نهمل “القنابل الموقوتة” سواء في المخيمات الفلسطينية أو في مخيمات النازحين السوريين، مع الأخذ في الإعتبار الخلايا الإرهابية النائمة المتربصة، والتي يمكن أن تستفيد من أي ثغرة أمنية، وذلك بهدف تحقيق أهدافها، ومن بينها حادثة كفتون، التي أحبطتها القوى الأمنية بفعل سهرها الدائم.
أما بعد كلام وزير الأمن عن عدم قدرة القوى الأمنية على ضبط الوضع الأمني بسبب الوضع المعيشي لعناصرها، فقد أصبح الحديث عن أي عملية محتملة لـ”داعش” أمرًا مقلقًا على المستويين الرسمي والشعبي.
فهل يُعقل أن يكون الوضع الأمني بهذه الخطورة من دون أي رادع، وهل يمكن أن يُترك المواطنون من دون غطاء أمني، الأمر الذي سيزيد من حالة الإضطراب التي يعيشونها، إقتصاديًا وإجتماعيًا؟
هذا الهاجس يبقى في رسم رئيس الجمهورية، الرئيس الأعلى للقوى المسلحة، وفي رسم المجلس الأعلى للدفاع، الذي يُفترض به بعد كلام الوزير فهمي أن يجتمع على وجه السرعة لوضع خطة طوارىء أمنية، وذلك قبل أن يصبح البلد معرّضًا لكل أنواع المخاطر.
قليل من الحياء أيها الحكّام. وإذا إبتُليتم بالمعاصي فالأفضل لكم أن تستتروا.