لو كان بامكان الغليان ان يولّد طاقة كهربائية، لكان الغضب الساكن في نفوس اللبنانيين تحوّل الى “توتر عال” جال البلاد من اقصاها الى ادناها، لكن وعلى ما يبدو، يطال التوتر الشارع المنتفض، المعبّر عن نفسه بقطع الطرقات واحراق الدواليب، وبمشاكل متنقلة من “سوبرماركت ” الى اخر، دون ان يصل صداه الى آذان المعنيين مباشرة بتشكيل الحكومة، المرجو منها انقاذ البلاد والعباد.
فالاطراف المعنية بتشكيل الحكومة تفاخر بعنادها وتمسكها بالحصص والحقائب والاعداد، فيما البلد على ابواب عتمة مرتقبة قد تقطع “الاوكسجين” عن مرضى “كورونا”، والتعليم عن التلاميذ واساتذهم، ناهيك عن مئات القطاعات المتأثرة مباشرة وغير مباشرة بالطاقة الكهربائية، فبعد ان تداول اللبنانيون تصريح وزير الطاقة والمياه ريمون غجر من بعبدا، عبر وسائل تواصلهم الاجتماعي، قد يضطرون الى عيش مضمونه وهم برفقة الشمعة والقنديل او اي وسيلة اخرى تكافح الليل وسواده.
امام هذا الواقع، تعقد لجان، المال والموازنة، الإدارة والعدل، الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، جلسة مشتركة في تمام الساعة العاشرة من قبل ظهر اليوم وذلك لدرس إقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة 1500 مليار ليرة لبنانية.
وقبل الدخول في اراء الكتل النيابية، لا بد من الاشارة ان السلفة وان اقرت بشكل كامل فستؤمن انتاج التيار الكهربائي لمدة 10 ساعات يوميا، واذا أقرت مجتزأة، اي أقر نصفها، فهي ستؤمن حوال 6 ساعات تغذية يوميا، اما اذا أقرّت لفترة زمنية محددة من 3 ال 6 أشهر، فسنكون حتما امام نظام تقنين غير مريح.
في كل الاحوال، لا بد للنظر الى عمل اللجان اليوم، بعيدا من شقه التقني المتعلق مباشرة بالكهرباء، فما ستفعله اللجان اليوم، ما هو الا صورة مصغرة عن كيفية ادارة البلد من قبل المسؤولين في الفترة الاخيرة، لاسيما بعد 17 تشرين وبعد انفجار المرفأ،
فالاداء السياسي، يظهر الدولة، كمن يريد تأخير الاشتباك او اللعب والمراهنة على الوقت، عله ينتج اتفاقا يعيد المشهد اللبناني الى سابق عهده.
والحال، ان تسوية كهربائية تلوح في الافق، تقضي بتعديل المدة الزمنية للسلفة وقيمتها المادية.
الحواط
في هذا المجال، أوضح عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط،، ان “الكتلة ترفض السلفة شكلا ومضمونا، فهذه السلفة ما هي الا طريقة جديدة يتبعها التيار الوطني الحر لابتزاز اللبنانين“، واضاف “نسأل التيار، ماذا فعل لعدم الوصول الى هذه المرحلة؟ لماذا لم يقم بواجباته في القطاع الذي استلمه واشرف عليه لسنوات طوال؟“
كما اكد حواط، “ان ما شهده قطاع الكهرباء هو سرقة موصوفة بكل ما للكلمة من معنى، فهذا القطاع الذي اضاف 43 مليار الدولارات الى مديونية الدولة، ما زال يتخبط بفعل غياب الخطط، الاصلاحات والتعيينات، كما بناء المعامل الصالحة والعلمية ، وذلك نتيجة سوء ادارة القيمين عليه من الامس البعيد وصولا الى اليوم“.
اما عن السلفة وبحال اقرارها يؤكد حواط “انها ستشكل مساسا واضحا باحتياطي مصرف لبنانالازامي، اذ ليس لدى المصرف دولارات لوضعها بيد شركة كهرباء لبنان،فالسلفات السابقة كانت مشرةطة بمجموعة اصلاحات لم تبصرالنور
فالوقت الحالي ليس للتجارب والمحاولات، انما لتحمل المسؤولية تجاه اللبنانين، ومسؤولية فشل القطاع الكهربائي تقع على التيار الوطني الحر، الذي يجب ان يعلم اللبناني انه بسياساته المتبعة اوصله الى العتمة“.
جابر
اما عضو كتلة “التنمية والتحرير النائب ياسين جابر ، يرى ان لب المشكلة هو في عدم تشكيل حكومة قادرة على اخراج البلد من عنق الزجاجة،
ويؤكد ” ان المجلس النيابي لا يستطيع التخلي عن الناس وتركهم يواجهون انقطاع التيار الكهربائي وبالتالي العتمة، فأمام عدم تشكيل حكومة، لا يمكننا ان نذهب الى المساءلة او طلب الاصلاحات في القطاع الكهربائي، ما علينا فعله اليوم، هو محاولة الاستمرار بـتأمين التغذية الكهربائية للناس الى حين تشكيل الحكومة العتيدة.”
ويضيف جابر “هذا لا يعبر ابدا عن رضانا عن الفريق السياسي الذي ادار ملف الكهرباء لسنوات طويلة، اذ نرى ان هذا الفريق دمر مؤسسة كهرباء لبنان تدميرا شاملا، ولا بد من سؤاله عن ملفات كثيرة، منها تركيب العدادات ومقدمي الخدمات“.
اما عن سلفة اليوم المنتظرة، فيشدد جابر على “ان الاتجاه هو لتأمين مبلغ من المال لتسيير شؤون القطاع، وهذا المبلغ لن نرضى بتسميته سلفة، لا بل نريد اعطائه تحت شرط استعماله حصرا لشراء المحروقات، حتى لا يتم استخدامه من قبل المعنيين لتطوير خططهم الرؤيوية التي كادت توصلنا الى العتمة 24/ 24
كما يؤكد جابر “ان الكتل تتجه لمحاولة ابعاد العتمة عن اللبنانيين، وبالتالي من المتوقع ان تقر مبلغا محددا للكهرباء، لكن من اين سيأتي مصرف لبنان بهذا المبلغ؟ وهل سيتمكن من تأمينه؟
ويختم جابر قائلا: ” الدولار متفلت ووجع الناس ونقمتهم ستزداد، ان اي عملية الهروب الى الامام لن تنفع بعد اليوم، المطلوب من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تشكيل حكومة تطلق الاصلاحات اللازمة”.
