وفي ظلّ الانشغال الأميركي في تركيز المواجهة على الصين وإيران، وبدرجة أقل روسيا، قد يبدو الملف اللبناني مجرَّد تفصيل صغير مزعج في استراتيجية التحرُّك الأميركي. وثمة خوف من لجوء العديد من القوى الإقليمية إلى استثمار حال التفلّت هذه لإجبار المجتمع الدولي على تلزيمها الحلّ اللبناني.
هذا الاحتمال يبدو ضئيلاً جداً في نظر البعض، لأنّ الأسد نفسه لا يكاد يستطيع تثبيت سلطته في سوريا. ولكن، هناك من لا يستبعد قيام الأسد الإبن فعلاً بمحاولةٍ للحصول على «تلزيم لبنان» من إدارة بايدن، كما فعل الأسد الأب مع بوش الأب، إذا قدَّم ثمناً معيناً في المقابل. ومن الأمثلة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، برعاية روسية قبل أن تكون أميركية.
ولذلك، سيكون مناسباً تحييد لبنان عن صراعات المحاور في الإقليم، من أجل توفير استقراره الداخلي وتجنيبه الوقوع مجدّداً في قبضة «المتعهِّد» أو المتعهِّدين الدوليين والإقليميين.
وفيما لم تشغِّل إدارة بايدن محرِّكاتها في الشرق الأوسط، يبدو لافتاً أنّ موسكو تستنفر قواها في المنطقة بشكل سريع واستثنائي، وهي تفتح الخطوط على الجميع، أعداء كانوا في ما بينهم أو حلفاء. وفي هذا الحراك، ليس مستبعداً أن تعقد صفقات تتناول الملف اللبناني أيضاً.
ولكن، ما يسابق الجميع هو الشارع. وفي تقدير كثيرين أنّ ارتفاع السخونة فيه سيسبّب أوجاعاً عاتية وخراباً عظيماً، لكنه أيضاً سيتكفّل بتقريب النهايات… سعيدةً كانت أو بائسة.