الانهيار يستشري… فهل تنتشر القوى الامنية امام المستشفيات لمنع الاشتباك المرتقب مع الناس؟

22 مارس 2021
الانهيار يستشري… فهل تنتشر القوى الامنية امام المستشفيات لمنع الاشتباك المرتقب مع الناس؟

بغض النظر عن نتائج الجولة ال 18 في قصر بعبدا، التي قد تبدو شبيهة بسابقاتها، لتؤكد المؤكد في ان المشكّلين ومن خلفهم وامامهم لا يعيرون اهتماما لمشاكل الناس واوجاعهم.
وبالحديث عن اوجاع المواطن، يظهر القطاع الطبي في لبنان، كمرض عضال، بدأت تتطورعوارضه لتطال مختلف فئات المجتمع اللبناني. فهذا القطاع الذي استخدمه السياسيون، من دون تعميم وتعتيم، اذ اننا لسنا من جماعة  “كلن يعني كلن”، استخدموه طبعا كورقة رابحة لتعزيز الزبائنية والتبعية السياسية، يدخل اليوم عتبة الانهيار من باب الازمة اللبنانية.
فبعدما كثر الحديث عن امكانية توقف بعض المستشفيات وبعض الخدمات الطبية، بالإضافة إلى الهجرة القسرية للاطباء والممرضين، ناهيك عن الحلقة الفارغة التي تدور بها شركات التأمين والضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة،
دخل هذا القطاع في دائرة الفوضى المميتة، التي زاد من توسعها، الوباء المتسارع، المتزايد غير آبه بكبير اوصغير، فهل يبدو القطاع الطبي ظالما او مظلوما، و هل باتت الطبابة في لبنان لمن يمتلك الدولار فقط؟

النظام الصحي اللبناني يتراجع الى المرتبة 95 عالميا

 
في هذا المجال يتحدث رئيس اللجنة العلمية في نقابة الاطباء الدكتور برنارد جرباقة، لـ”لبنان 24″، معتبرا “ان هناك عدة عوامل متشابكة ومتلاصقة يمكن الحديث عنها في مجال الانهيار الحاصل في القطاع الصحي اللبناني بشكل عام،
وان هذا الانهيار هو نتيجة تداخل العوامل، القانونية، المهنية، الحياتية، الاقتصادية، الاجتماعية، وطبعا المالية، اذ لا يمكن فصل القطاع عن الكوارث المتتالية في البلد،
وهذا ما جعل نظامنا الصحي الذي كان في المرتبة 23 عالميا قبل سنوات قليلة، ان يتراجع الى المرتبة 95، وهذا مؤشر خطر حول نوعية وكمية الخدمات الطبية”.

“أنسنة التعرفة”… محاولة للاستمرار
 
ويضيف جرباقة “ان الانهيار الحاصل، سيلمسه المواطن، من خلال غياب عناصر النجاح في هذا القطاع، اذ ان الطبيب الذي يريد القيام بعملية معينة قد لا يجد المعدات الخاصة بهذه العملية. وهنا نكون امام تراجع في كافة خدمات المستشفيات، التي وحتى الساعة،  تعمل على بلورة الامور بما لا يفجّر الواقع الطبي، ولا يحرم اللبناني من الخدمات الصحية. وهذا ما يجب ذكره هو ” انسنة التعرفة”، اي اننا جعلنا قسما من تعرفة الاطباء والمستشفيات تدفع على دولار 3900 ليرة، فيما قسم اآر يدفع على دولار 1515 ليرة، مع العلم ان الطبيب والمستشفى يشتريان الاحتياجات حسب سعر الصرف في السوق الموازية”.

مستحقات المستشفيات تفقد قيمتها

 
اما الاتهامات التي يسوقها البعض بحق المستشفيات، الذي يعتبر انها راكمت ارباحا طائلة على مدار سنوات طويلة، ويجب ان تأخذ بعين الاعتبار اليوم اننا في زمن ازمة ولا بد بها من ان تخفض سقف ارباحها،يجيب جرباقة معتبرا “انه عن اية ارباح نتحدث ونحن امام قطاع متعثر لدرجة انه وصل الى عدم تسديد معاشات موظفيه، وهنا صرخة الى المستشفيات لان تعمل على دفع مستحقات ممرضيها بطريقة سريعة. وفي المقابل لا بد من ان تسلم الجهات الضامنة ووزارة الصحة  المستحقات الى المستشفيات بصورة سريعة، فالاموال المستحقة تفقد قيمتها تدريجيا، وتسليمها في غير موعدها سيضيف مشكلة على المشاكل المتراكمة”،
كما يرى “ان القطاع الصحي الذي يعاني، ما كان وصل الى هذا الكم من الوجع لو انه يتمكن من الاضراب والتوقف عن العمل، فما يمنعه على الاقدام على هذه الخطوة، هو تقديمه دائما الجانب الانساني على حساب الشق الحقوقي، ، وعلى هذا الصعيد نأمل ( ما يجبرونا نأضرب)، فهل يمكن ان نتخيّل كيف سيكون الواقع في حال اقدمت المستشفيات على الاقفال ليوم واحد فقط؟”
6 من اصل 12 طبيب يعملون في “انعاش الاطفال” اقدموا على الهجرة
 
وعن واقع  الطبيب اللبناني، يقول جرباقة، “ان نصف الاطباء، كانوا ما قبل الازمة يتقاضون شهريا حوالي ال 1000 دولار اميركي، واليوم انخفضت قيمة هذا المبلغ بفعل التدهور الاقتصادي و المالي، وبالتالي لا يتردد كثير من الاطباء  في البحث عن الهجرة. وهنا نذكر مثلا، الاطباء المتخصصين “بانعاش الاطفال”، الذين كان عددهم 12 طبيبيا وهاجر 6 منهم، اي اصبح لدينا 6 اطباء في هذا المجال فقط
فضلا عن ان الطبيب اللبناني، يقع في حيرة كبيرة اليوم، اذ انه عند وصفه الدواء او الحليب للاطفال يتساءل من اين سيأتي المريض بالمال لشراء الوصفة، فالحليب المتخصص للرضع، قد تصل تسعيرته الى 150000 ل.ل، ما اريد قوله هنا ان مهمتنا انسانية، وبالتالي لا يمكن فصل انسانيتنا عن مهنيتنا اثناء التعاطي مع المريض.”

طفح الكيل من الاستهتار بحقوق العاملين الصحيين
 
اما عن تعاطي الناس مع المستشفيات، خاصة بعد موجة التعدي اللفظي والجسدي على الاطباء والممرضين، بالاضافة الى تكسير بعض الاقسام داخل المستشفيات، كما حصل مع “المستشفى الاسلامي”، في طرابلس يوم أمس، يرى جرباقة، “ان 95% من المواطنين اللبنانيين يحترمون هذا القطاع، اما لل 5% الذين يشتمون ويتعدون، فلا بد ان يعلموا انه اذا هاجر العاملون في هذا القطاع، لن يبقى من يعالجهم ويداويهم، وبالتالي ستكون صحتهم بخطر.
وللذين يقديمون على تكسير المعدات والاقسام داخل المستشفيات، فلا بد ان يدركوا انها ستقفل بوجههم، فلا احد يتمكن من التصليح والتجديد في هذه الاوضاع الصعبة”.
و يضيف “ان هذه الاعمال ستتفاقم في المستقبل القريب، اذ ان الانهيار العام مستمر والدولة غائبة عن علاجه، لا بل تترك المستشفيات في مواجهة الناس، وهنا نطلب من وزارة الداخلية فرزعناصر امنية تكون مهمتها حماية المستشفيات والعاملين فيها.
كما نطلب من المجلس النيابي، ان يقر حصانة الطبيب، كما اعتبار الممرضين والاطباء الذين يتوفون بفعل كورونا، شهداء على غرار شهداء جيشنا العزيز، فنحن كالجيش تماما نحارب و ندافع لكن بادواتنا الخاصة، فالكيل قد طفح عند كل العاملين الصحيين، من الاستمرار في هدر حقوقهم والتعامل معهم باستخفاف”.
على أمل الا نعيد تجرية عيديّ الميلاد ورأس السنة
 
وحول واقع كورونا يقول جرباقة  “ما زلنا في مرحلة الخطر والتفشي، اذ ان ارقامنا لا تبشر بالخير بتاتا، العناية الفائقة شبه ممتلئة، نسبة الاصابات تدنت الى 17%، في حين ان المطلوب كان وصولها الى 5%، نسبة الحدوث 800 بالالف، والوفيات تصل يوميا الى 60 وفاة،
من هنا الدعوة الى تسريع وتيرة التطعيم، واشراك القطاع الخاص بصورة سريعة في عمليه استراد اللقاحات،
 كما الدعوة للناس، على بعد ايام من الاعياد، الا يعيدوا تجربة عيديّ الميلاد ورأس السنة، فنعيد تكرارسبحة الألم، لتتحول اعيادنا مناسبات للوداع و الفراق في الاسابيع التي تليها”.