ضيعانك يا لبنان بهيك مسؤولين!!!

23 مارس 2021
ضيعانك يا لبنان بهيك مسؤولين!!!

ما كنا نتخوف من حصوله حصل. يوم كتبنا أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومعه صهره النائب جبران باسيل (زيون مسرحية” ميس الريم”)، مش طايقين يشوفو صورة وجهه للرئيس المكّلف شرعيًا لتشكيل الحكومة، لم نكن نمزح، ولم نكن لنورد ذلك نكاية بفلان وإرضاء لخاطر علتان، بل كنا نقول الأمور كما هي، على رغم بشاعتها، وعلى رغم ما يمكن أن تؤدي إليه من إنقسامات عمودية على المستوى الرئاسي، وما يُخشى أن تعكسه من تخبّطات أفقية على المستوى الشعبي.
ما حصل في اللقاء الثامن عشر بين الرئيسين عون والحريري لم يفاجىء الكثيرين، الذين يعتبرون أن البلد لا يمكن أن يُدار بهذه الطريقة الكيدية، ولا يُعقل أن يكون تصرّف رئيس الجمهورية، على حدّ رواية الرئيس المكّلف، نابعًا من حرصه على البلد وخوفه من أن يفرط بين لحظة وأخرى، بل هو تصرّف أقلّ ما يُقال فيه إن “الرئيس الوصّي” أراد أن يكشف عن وجهه الحقيقي عندما أوحى بضرورة إرسال مثل هذه الورقة – البدعة إلى الرئيس المكّلف، وهو يعرف مسبقًا أنه سيرفضها، وذلك لإحراجه من أجل إخراجه، خصوصًا بعدما تسلّح بوقوف الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى جانبه في مطالبته بتعديل الدستور لجهة تحديد مهلة للرئيس المكّلف، الذي لا يمكنه أن “يحتمي” بالدستور وترك البلاد من دون حكومة فترة طويلة من الزمن.
وما بيان رئاسة الجمهورية ردًّا على كلام الحريري سوى لزوم ما لا يلزم، خصوصًا أن ثمة من رأى فيه تطبيقًا لمقولة “ضربني وبكى سبقني واشتكى”، إذ يمكن وصف هذا البيان بأنه ضرب من ضروب “الولدنة”، التي يشتهر بها من يقف وراءه، ومن يوحي عادة بمثل هكذا بيانات “شغلتها وعملتها” أن تصبّ الزيت على النار، التي ستلتهم الأخضر واليابس، هذا إذا بقي في هذا الوطن ما هو أخضر غير الدولار الأميركي.
الذين إطلعوا على الورقة التي أطلق عليها تسمية “المنهجية” لم يستطعوا كبت ضحكتهم، وأعتبروها بمثابة ورقة “البيبي روز”، التي توزع عادة على أولاد “الغاردوري” لتعليمهم منهجية ملء الفراغات.
ولقلة حظ اللبنانيين بهكذا نوع من المسؤولين حفل يوم امس ببيانات الرد والردّ المضاد، حيث تمّ تبادل الإتهامات بين قصر بعبدا و”بيت الوسط”، من دون أن نعرف الحقيقة ، فيما الشعب المعتر مبلى بهكذا نوعية من المسؤولين.
هذه هي كل القصة وبإختصار كلي.
الخطورة في الموضوع أن الدولار الأخضر بعد هذا الجو السلبي والمتشنج حلق عاليًا، من دون أن يرّف لأي مسؤول جفن، ومع هذا التحليق المخيف والمقلق يتزايد خوف الناس وقلقهم على المصير وعلى المستقبل، وقد باتوا بين نارين، نار إرتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، ونار إرتفاع أسعار السلع الإستهلاكية والحديث الجدّي عن بدء فقدان البعض منها، وهي تدخل في خانة الضروريات من السلع الأساسية في مطبخ الفقراء.
لبنان الذي نراه ينهار شيئًا فشيئًا، على رغم تفاؤل المتفائلين المصطنع، لم يعد بعد اليوم من المسموح أن يُترك بين أيدي “أولاد الحيّ”، الذين يتخانقون على كمشة من “الكلل” في الأزقة المهجورة.
ضيعان هذا البلد بهيك مسؤولين لم يعرفوا أن يحافظوا على الأمانة. لقد تسّلموا بلدًا يحتاج إلى بعض الأوكسجين لكي يتنفس طبيعيًا، إلاّ أنهم سيسّلمونه، على ما هو ظاهر، جثة لا حياة فيها، بعدما أثبتوا أنهم غير أهل لهذا الحمل الثقيل، وبعدما فقد الوطن كل مقومات صموده.