لأنّ لا إيران حصلت على الثمن اللازم كي تتنازل، ولا الولايات المتحدة، ولأنّ فرنسا لا تمتلك الثمن الذي يطلبه أي من الطرفين. ولذلك، لا يبدو بايدن مستعجلاً في الشرق الأوسط، ولا طهران. وأما المستعجل فعلاً اليوم فهو ماكرون، الذي يخشى أن تُعقد الصفقات في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المنطقة وفرنسا خارجها. كما أنّ ماكرون يسابق الوقت شخصياً قبل عام واحد من انتهاء ولايته.
اكتشف ماكرون مجدداً، أنّ انتظار التغيير في البيت الأبيض لم يكن في محله لتحقيق خرق في لبنان. فلم يبقَ أمامه سوى أسلوب الضغط والتلويح بعقوبات فرنسية على الطريقة الأميركية. وفي الاجتماع الأخير لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أثار الوزير جان إيف لودريان هذه المسألة، طالباً التغطية الأوروبية للموقف الفرنسي.
وقد تتبلور مواقف الأوروبيين إزاء الملف في القمة المقرَّرة يومي الخميس والجمعة المقبلين. لكن التوافق الأوروبي على عقوبات ما زال غير ناضج حالياً. أولاً، بسبب التفاوت في نظرة كل عضوٍ إلى الملف الإيراني وطبيعة علاقاته ومصالحه مع الولايات المتحدة. وثانياً، بسبب رغبة ماكرون في الاحتفاظ بعلاقات مقبولة مع إيران و»حزب الله» أياً تكن الظروف.
يدرك الإيرانيون، أنّ تلويح ماكرون بالعقوبات في لبنان ليس جدّياً حتى الآن، وأنّ هدفه الدفع نحو الحل، لا أكثر. ويعتقدون أنّ الرجل لن يشارك واشنطن عقوباتها في زمن بايدن بعدما تجنَّبها في زمن ترامب. ويعرف الإيرانيون، أنّ لديهم هامشاً واسعاً من التحرُّك ولا يستعجلون التنازل في لبنان.
إلاّ أنّ عامل الوقت يضغط على الجميع، وخصوصاً على ماكرون الذي يستعد لدخول العام الأخير من ولايته، كما تركيبة الحكم كلها في لبنان. وإزاء هذا المأزق، قد يجد ماكرون نفسه أمام حتمية التنسيق مع واشنطن لفرض العقوبات وإحداث خرق في المستنقع اللبناني.
ولكن، هل يتجّه بايدن إلى العقوبات في لبنان أم إلى التراخي وتكريس «ستاتيكو» مرحلي، لأنّ أولوياته هي الصين وروسيا، ثم إيران؟
البعض يعتقد أنّ ماكرون ربما يندم على «المكابرة» في التعاطي مع العقوبات الأميركية، عندما كانت مطروحة بقوة، وقد «يترحَّم» على زمن ترامب ولو أنّه مرتاح «نفسياً» مع بايدن!”.