وانطلق بلانفورد من تصريحات المسؤولين اللبنانيين، قائلاً: “في مؤشر واضح إلى قرب الانهيار الكامل، دقّ مسؤولون لبنانيون كبار- بينهم قائد الجيش- ناقوس الخطر حول تدهور الوضع في الأيام الماضية”، مذكراً بخطاب العماد جوزيف عون في اجتماع عقده مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة في اليرزة، في 8 آذار، أي بالتزامن مع “اثنين الغضب”.
بلانفورد الذي تخوّف من تداعيات الأزمة الاقتصادية على الجيش في ظل الأنباء عن عمليات فرار في صفوف العسكريين، أوضح أنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لم تشر بعد إلى أي تغييرات بشأن الدعم العسكري الأميركي للبنان، مستدركاً بأنّ الجيش “تحت المجهر نظراً إلى الاتهامات بأنّه قريب جداً” من “حزب الله”. وهنا، علّق بلانفورد على العلاقة بين الجيش والحزب، قائلاً إنّها “معقدة” و”دقيقة”، و”على الأغلب غير مفهومة بشكل تام في واشنطن”.
وفي هذا السياق، تناول بلانفورد منتقدي الدعم الأميركي للجيش على خلفية “مزاعم باستخدامه القوة المفرطة مع المحتجين” في تشرين الأول من العام 2019، مشيراً إلى أنّ العماد عون رفض مطالب الرئيس ميشال عون المتعلقة بفتح الطرقات “بالقوة إذا ما لزم الأمر”. كذلك، اعتبر بلانفورد أنّ تصريحات قائد الجيش توضح أنّه مدرك تماماً لغضب وإحباط أغلبية اللبنانيين من الطبقة السياسية، ويشق طريقه بحذر بين واجباته كقائد للجيش مدين بالفضل للدولة من جهة ومسؤولياته تجاه حماية الشعب من جهة ثانية.
ورأى بلانفورد أنّ أولوية الجيش في الوقت الراهن لا تتعلق بحيازة أنظمة أسلحة أو معدات عسكرية، معتبراً أنّ الأهم اليوم هو ضمان راحة العسكريين الاقتصادية، بحيث لا يشعرون أنّهم مجبرون على الفرار وإيجاد وسائل بديلة لكسب لقمة العيش، وبالتالي تقويض نزاهة المؤسسة العسكرية، بحسب ما كتبه.
وفي هذا الصدد، كتب بلانفورد: “ينبغي إيجاد آلية تتيح تجيير المساعدة المالية الأميركية للجيش مؤقتاً، فبدلاً من تزويده بمعدات عسكرية يتم توفير مساعدات رعاية اجتماعية ومساعدات لوجسيتة، مثل الغذاء والملابس والمازوت والوقود (..)”.
على صعيد الرواتب، اقترح بلانفورد دراسة إمكانية وضع آلية هيكيلة تتيح للعسكريين سحب المال بالليرة من حساباتهم وفقاً لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، بدلاً من السعر المعتمد في المصارف والمحدد بـ3900 ليرة للدولار الواحد. وكتب بلانفورد: “يمكن للولايات المتحدة أن تساعد على مستوى هذه الآلية من خلال تقديم قسم من مساعداتها المالية السنوية المصروفة كحزمة مساعدات اقتصادية للجيش إما للمصرف المركزي أو مصرف مستقل مدقق به وموثوق”.
وبناء على قراءته، أكّد بلانفورد أنّ “ما من عصا سحرية تستطيع الولايات المتحدة أو أي طرف آخر في المجتمع الدولي التلويح بها لعكس مسار تدهور لبنان”، محذراً من أنّ انهيار لبنان الكامل لن يكون في مصلحة أحد.
بلانفورد الذي قال إنّ إدارة بايدن تركز اهتمامها اليوم على التحديات العالمية التي تفرضها روسيا والصين، شدّد على أنّها قادرة على مساعدة لبنان عبر مواصلة دعمها الشامل للجيش والبحث عن أفضل السبل لتقديم تلك المساعدة والسماح للجيش بتخفيف حدة تحدياته الاجتماعية-الاقتصادية واحتواء الانفجار الاجتماعي الحتمي في مختلف أنحاء البلاد في ظل تدهور الأوضاع.