يأتي ذلك في ظل أزمات إضافية تتمثّل في تضخم أعداد المتعاقدين، وعدم تأهيل الكادريْن الإداري والتعليمي، وأزمات معيشية تلاحق المعلمين الذين خسرت رواتبهم أكثر من 80% من قيمتها وجعلتهم في عداد الفقراء، وانعدام الموارد التعليمية الكافية واللازمة لعملية التعليم عن بُعد والتعليم الحضوري أيضاً.
في خضم هذه الأزمات، يبقى تلميذ المدرسة الرسمية هو الضحية الأكبر والحلقة الأضعف. فهو يدفع فاتورة كل ما يعانيه التعليم من صعوبات، ويسدد تكاليف السياسات التربوية الرديئة والباهظة الثمن من جودة تعلّمه ومن مستقبله الذي يضيق أفقه في دولة مشلولة، وسلطة أهملت المدرسة الرسمية عن سابق إصرار، لأن كل همّها حماية كارتيلات المدارس الخاصة التي تريد تحقيق الأرباح وتعيد إنتاج إيديولوجيا الطوائف. ومقدّر عليه أن يتعلم بالحد الأدنى من المقوّمات التعليمية لأن صندوق مدرسته يكاد يكون فارغاً، فلا تقوى على شراء أبسط مستلزمات التعليم من أوراق للطباعة وأقلام للكتابة ودفع اشتراك كهرباء للمولدات.
قدر تلامذة المدرسة الرسمية أن يختلّ برنامج تعلمهم اليومي بسبب إضراب الأساتذة المتعاقدين، لأنهم يطالبون بحقوقهم في جمهورية اللاعدالة. ومكتوب عليهم أن يكونوا الفئة الأكثر تضرراً من التعلم عن بعد الذي كشف حقيقة نظامنا التعليمي المهترئ، وكأنه لا يكفي هؤلاء التلامذة عدم توافر الإنترنت الدائم والموارد المادية المطلوبة (كمبيوتر، تابلت، طابعة…) في منازلهم بسبب ظروف أهاليهم الصعبة، حتى يأتيهم تعليم يعاني من ضعف في المحتوى الرقمي، ومعلمون غير مدربين على امتلاك مهارات التعليم عن بعد، ما أثقل المَهمة عليهم أكثر فأكثر”.