عندما تتحدّث السفيرة الأميركية عن تسوية… ماذا يعني ذلك؟

27 مارس 2021
عندما تتحدّث السفيرة الأميركية عن تسوية… ماذا يعني ذلك؟

كانت لافتة زيارة السفيرة الأميركية لرئيس الجمهورية، وهي أتت بعدما وصلت المفاوضات بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري إلى طريق مسدود، وبعدما رمى كل طرف كرة عرقلة التشكيلة الحكومية إلى ملعب الفريق الآخر.


بعد اللقاء الثامن عشر في قصر بعبدا يمكننا القول، وبأسف، إن ما وصلت إليه الأمور بين الرجلين لا توحي بأن ثمة إحتمالًا، ولو جزئيًا، بالتوصل إلى تفاهم بينهما، خصوصًا أن هوة التباعد بينهما إتسعت إلى درجة بات من الصعب ردمها بالإمكانات المحلية الضئيلة. وهذا ما إستدعى تحركًا دبلوماسيًا، بدأ بتلبية السفير السعودي دعوة الرئيس عون، فضلًا عن اللقاء الذي عُقد في دارة السفير البخاري وضمّ عددًا من السفراء المهتمين بالوضع اللبناني، ومن بينهم السفيرتان الأميركية والفرنسية.

المطلعون على التحرّك الدبلوماسي المستجد، بعد طول إنكفاء، يرون فيه تدخلًا مباشرًا، حتى ولو تمّ نفي ذلك، من أجل إيجاد مخرج للأزمة الحكومية. ويعتبر هؤلاء السفراء المعنيون أن لا بديل من الإتفاق على حكومة شفافة وقادرة، إذ لا إمكانية لخروج لبنان من النفق المظلم إلاّ من خلال حكومة إختصاصيين، كما جاء في المبادرة الفرنسية، على أن تكون أولى مهامها البدء بورشة إصلاحات شاملة على الصعيدين المالي والإداري، تواكبها حركة إتصالات بالدول الشقيقة والصديقة وبصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أجل بلورة صيغة مقبولة تسهم في إنتشال لبنان من قعر الهاوية.

وفي رأي هؤلاء المطلعين فإن الدول، التي كانت تحاول الضغط على “حزب الله” من خلال ترك الأمور على غاربها من أجل تأليب الرأي العام اللبناني على الحزب، إكتشفت بعد مراقبة دقيقة أن الشعب اللبناني يزداد فقرًا وتعاسة فيما لا تزال بيئة “حزب الله” صامدة، وذلك من خلال المساعدات الخارجية للحزب، وهي مساعدات بالدولار “الطازج”، فضلًا عن الخطة التي وضعها من أجل تحصين بيئته، وهذا ما سبق أن صرّح به الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، عندما تحدّث عن أنه لن يسمح بأن تجوع بيئة الحزب.

وفي هذا الإطار لا يمكن التكهن عمّا إذا ما كانت سياسة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بدأت تنحو مناحي مختلفة عمّا كانت عليه السياسة الأميركية السابقة في زمن دونالد ترامب، ولكن ما هو أكيد أن تلك الدول بدأت بالتفكير جدّيًا بمساعدة لبنان للخروج من أزماته والحؤول دون إنهياره، لأن إنهياره يعني إنهيار أنظمة كثيرة في المنطقة لا تزال حليفة لتلك الدول.

من هنا يمكن فهم ما دعت إليه السفيرة شيا، بعد لقائها الرئيس عون، عندما تحدّثت عن ضرورة إيجاد تسوية في الموضوع الحكومي وتساؤلها حول ما إذا ما كان وقت التسوية قد حان لتأليف الحكومة، كاشفة أنها “بحثت مع الرئيس عون أهمية تشكيل حكومة ملتزمة وقادرة على القيام بالإصلاحات”، مشددة على التزام بلادها بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني “، مضيفة “أقول باحترام لكل من يضع مطالب لتشكيل الحكومة ، ألم يحن الوقت للتخلي عن المطالب والدخول بتسوية لتأليف الحكومة”؟
وهذا يعني وفق مصادر مطلعة أن التسوية لكي تكتمل عناصر نجاحها تفرض أن يقدّم كل من رئيسي الجمهورية وفريقه السياسي والرئيس المكّلف وفريقه تنازلات متبادلة، بحيث “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”.