يمثل الحراك الديبلوماسي الذي أطلقه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا تحشيد لما أمكن من عوامل ضاغطة لاستعمالها للتصويب على الرئيس المكلف، ما يعني حكما الاستعداد لجولات صراع جديدة، وقد تعمدت دوائر القصر وخلفها التيار الوطني الحر توظيف ما أمكن من زيارات ديبلوماسية تمهيدا لصرفها في السوق المحلي.
لعل ما استرعى انتباه المراقبين، انتقال السفيرة دورثي شيا من قصر بعبدا إلى بيت الوسط لاستكمال النقاش حول المعوقات في تشكيل الحكومة مقابل اكتفاء السفير السعودي بلقاء بعبدا فقط، ما يكشف عمليا انخراطا أميركيا مباشرا مقابل اكتفاء الجانب السعودي بمراقبة الوضع والحد الأدنى من الاتصالات السياسية.
محيط عون وخلفه التيار الوطني الحر يغمز من قناة علاقة الحريري بالسعودية بهدف تسجيل النقاط، ولم يعد خافيا إلحاح عون على السعوديين التخلص من تكليف الحريري مقابل القبول بمطلق شخصية ترشحها المملكة، ما يكشف حقيقة نمط تفكير يسيطر عليه طابع الحرتقة في حين يغرق لبنان بالجوع و البؤس و الفقر.
يبدو مثيرا للاهتمام، موقف السفيرة دوروثي شيا من منبر بعبدا و ينبغي التمحيص مليا في مقولة “التسوية” في تصريحها خصوصا في ظل الانطباع العام عن وقوف أميركا سدا منيعا امام تشكيل حكومة تضم ممثلين عن حزب الله، بل و ترافق ذلك مع دفعات من العقوبات الاقتصادية تكللت بجبران باسيل الأمر الذي زاد من تعقيدات الواقع اللبناني برمته.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة على عدم تراجع الإدارة الاميركية الجديدة عن نهجها تجاه لبنان، لكن ما هو مستجد في الموقف الاميركي خلال الأسابيع الماضية يتعلق بضرورة ضبط الوضع اللبناني من الانفلات الشامل بعدما بلغ التدهور المعيشي حدا غير مسبوق.