وقال في حديث لصحيفة “l’Opinion” الفرنسية: “أدى انفجار المرفأ الذي يعادل عشر قنابل هيروشيما إلى مقتل 204 أشخاص وإصابة ما يعادل 6500 آخر، فضلا عن خسارة حوالى 10 مليارات دولار. في أعقاب هذه المأساة، كان إيمانويل ماكرون الوحيد الذي تواصل مع اللبنانيين، وكلماته الصادقة لهم وللطبقة السياسية المنهكة والمرهقة، كانت كفيلة بخلق أمل هائل بين ملايين اللبنانيين. وكان قراره بالمجيء الفوري إلى بيروت للتعبير عن صداقة فرنسا مع لبنان، موضع تقدير وخلق أملا غير مسبوق”.
أضاف: “في لحظات الحداد والحزن هذه، اعتقد كثر منا أن هذا الانفجار يمثل رمزا لتفكك النظام، ولكن بدعم من فرنسا، كان الأمل بلبنان الجديد. وبعد مرور ستة أشهر على الحادثة، اتضح أن 4 آب لم يكن سوى مسيرة لتفكك الدولة، وكلمات الرئيس ماكرون لم يكن لها أي تأثير”.
وردا على سؤال أجاب: “كان لا بد من تلبية أمر الرئيس الفرنسي في 5 آب بتشكيل حكومة أكفاء متخصصين، وإلا سيحرم لبنان من المساعدة الدولية، لكن مصطفى أديب واجه حقيقة الدوافع الخفية للطبقة الحاكمة ولم يتمكن من تشكيل الحكومة، بعد أن خانته القوى الحاكمة المختلفة، ولم يكن أمامه خيار سوى الاستقالة، من دون الشجاعة للتنديد بالخيانة الجماعية للقوى السياسية ضد الشعب. في 22 تشرين الأول أكد سعد الحريري دعمه للمبادرة الفرنسية وبالتالي طالب بدعم فرنسا، وبذلك نجح في الحصول على التكليف لتشكيل الحكومة، من دون مشروع ولا برنامج أو خطة إنقاذ، وفي نيته تقاسم الوزارات والمحاصصة في مواقع السلطة. في أقل من ثلاثة أشهر، استعادت الطبقة السياسية السيطرة على الأشياء، وبالتالي دفنت الأمل الذي أثاره رئيس الجمهورية الفرنسية في زيارته الأولى. منذ ذلك الحين لم تشكل أي حكومة. وفي 18 شباط، دفنت محكمة النقض أمل ملايين اللبنانيين بالحقيقة بإطلاق سراح القاضي فادي صوان من الملف القضائي المتعلق بتفجير مرفأ بيروت، وعلى الرغم من المزالق والصعوبات العديدة التي واجهت التحقيقات، ظهر جزء من الحقيقة”.
أضاف: “نعلم اليوم أن ما يقارب 500 طن من نيترات الأمونيوم انفجرت في 4 آب 2020، ونعلم أيضا أن هناك 2،250 طنا اختفت في الطبيعة، لكننا كنا في صدد معرفة ما إذا كانت هذه الأطنان من نيترات الأمونيوم ذهبت لملء البراميل القاتلة التي استخدمها نظام بشار الأسد خلال هذه الحرب ضد شعبه. كنا نتمنى أن نعرف أين وكيف تم نقل 1750 طنا ومن أي نقاط حدودية، مع العلم بأن معظمها كان خارج سيطرة الجيش اللبناني والدولة”.
وتابع: “اكتشف اللبنانيون، منذ 23 شباط، أن أزمة فيروس كورونا تضاعفت بسبب فضيحة التوزيع التقديري للقاحات، أو الحظر عليها وأخذ الإذن، على الأقل، بمنع الشركات والمنظمات غير الحكومية، كالذي أقوده، من استيراد اللقاح من الخارج لمساعدة الدولة والشعب وتوفير التطعيم لأكبر عدد من المواطنين”.
وقال: “في 8 آذار، تجاوز سعر الصرف بين الدولار والليرة العتبة الرمزية عشرة آلاف ليرة للدولار. وفي غضون ستة أشهر، سجل اللبنانيون خسارة بنسبة 80 في المئة في قيمة أجورهم، مع حد أدنى للأجور لا يتجاوز الآن 65 دولارا في الشهر. وشاهد صغار المدخرين مصادرة أموالهم من البنوك، فيما تم تهريب رؤوس الأموال الكبيرة بموافقة السلطات ومصرف لبنان الى الخارج. واستهدفت ضوابط رأس المال صغار المدخرين فقط. زد على ذلك توالي الأزمات يوما بعد يوم، من أزمة الطحين وأزمة الوقود وأزمة المخدرات، تتبع بعضها البعض وتزيد من إرهاق اللبنانيين الذين يعيش 60 في المئة منهم تحت خط الفقر”.
وعن الجيش قال: “إنه المؤسسة الوحيدة التي ما زالت قائمة رغم جميع العواصف السياسية والانكسارات التي ضربت لبنان، وإلا فهي الدولة المهددة في وجودها. كل هذه الحقائق تقرب لبنان قليلا من الهاوية، وكل صمت في فرنسا يعتبر تخليا من البعض، وعدم اهتمام من البعض الآخر. يحتاج لبنان أكثر من أي وقت مضى إلى الرئيس ماكرون لمتابعة خطابه في الخامس من آب، كما يحتاج إلى تقييد الطبقة السياسية الحاكمة، والسماح بتشكيل حكومة الخبراء، والتي ستقوم بإصلاحات عاجلة من أجل الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي والدول المانحة، الممثلة في مؤتمر سيدر”.
وشدد مخزومي على “ضرورة إعادة الأمل الى نفوس اللبنانيين، فهم يريدون دفعة، والأمل الذي أشعله خطاب ماكرون في الخامس من آب لا يمكن ولا يجب أن يهدأ”.