الوضع المحلي غارق في الأزمات الحكومية والإقتصادية والاجتماعية والصحية. ما ينتشل هذا الوضع فقط تأليف الحكومة، التي أصحبت كإبريق الزيت.
وفي رأي أوساط سياسية، أن تشكيل الحكومة ينتظر تداولا أوروبيا- إيرانيا، غير مرهون بالتفاوض الأميركي- الإيراني.
ولقد بدأ هذا التداول الدبلوماسي في بيروت، بين عدد من السفراء في لبنان، بينهم السفير الفرنسي والأميركي والسعودي، في وقت سجلت زيارة لافتة للواء عباس ابراهيم الى فرنسا، لمتابعة ملف جورج عبد الله، على أن يكون الملف الحكومي حاضرا في محادثاته مع الفرنسيين.
في قصر المختارة، سفير السعودية وليد البخاري، للقاء رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أن بي أن”
مرة جديدة يقفز الهم الوبائي إلى واجهة الإهتمام الرسمي. وحتى لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين، يسعى المسؤولون لتفادي تكرار كارثة كورونية كتلك التي حلت بلبنان في موسم عيدي الميلاد ورأس السنة الأخيرين.
الاستنفار الجديد، جاء على شكل قرارات لمجلس الدفاع الأعلى أبرزها تمديد التعبئة العامة ستة أشهر لغاية آخر أيلول، وإقفال البلد من الثالث ولغاية السادس من نيسان.
أما ما أثير على ضفاف جلسة مجلس الدفاع من خطر أرعب اللبنانيين، فقد عاد إلى حجمه الطبيعي بقوة حقيقة أن المواد النووية الموجودة في منشآت النفط بالزهراني منذ الستينيات، ليست خطرة ويتم استخدامها في الأبحاث العلمية. ولم تكن هذه القضية تستدعي كل هذا النفير وكل هذا التخصيب للإستثمار السياسي.
في المقابل، يحتاج الملف الحكومي إلى تخصيب جدي لإخراجه من جموده، في ظل أخطر أزمة اقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية ومعيشية. وهنا تبرز المساعي التي يقوم بها الرئيس نبيه بري من دون ضجيج، ويفترض أن تتكثف الأسبوع المقبل على أمل تحقيق خرق حكومي.
على نية الملف الحكومي، بيان جديد ل”التيار الوطني الحر” أطلق عبره صلية من المواقف التصعيدية، فيها اتهام للرئيس المكلف “بانتهاج منحى إقصائي، وتكرار لعدم إعطائه الثقة على الأسس التي يطرحها”، ليأتي بيان الرد من قبل “تيار المستقبل” بأن باسيل “يصر على تطييف الأزمة الحكومية وتغليفها بشروط، وأنه يتناسى المعايير التي جرى الاتفاق عليها في قصر الصنوبر.
وبالنسبة لحركة الدبلوماسيين العرب والغربيين التي بدأت قبل أيام في بيروت، فإنها لم تهدأ بعد، وهي حملت اليوم السفير السعودي إلى قصر المختارة.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “المنار”
على طريق الحرير، قرر الإيرانيون والصينيون المسير معا، بعيدا عن الحديد الأميركي..
أحد أكبر اقتصادات العالم مع أحد أقوى اقتصاد صامد في التاريخ، التقيا عند المصالح المشتركة، بشراكة اقتصادية ضخمة، سترسم بلا أدنى شك تداعياتها على المنطقة والعالم .
قرر الصينيون والإيرانيون التطلع الى أبعد المدى، بمئات مليارات الدولارات ولعشرات السنين، بعيدا عن سني الرهان على أي متغير أميركي، فكانت أكبر عملية تحرر من السجن الإقتصادي الأميركي وأدواته، ما سيزعج واشنطن كثيرا ويزيد من ارتباك استراتيجيتها للمنطقة. أما الكثير من حكومات المنطقة، فما زالت رهينة الأميركي بدولاره واقتصاده وقواعد جيشه، وتقلب حكمه..
ما جرى اليوم في طهران، رسالة عالمية أكبر بكثير من حدود لبنان وأزماته، لكنها إشارة الى من يريد أن يتطلع من اللبنانيين بعين الواقع..
إنها الصين يا سادة، القادمة الى إيران بعقود استراتيجية بمليارات الدولارات – الى الجمهورية الإسلامية التي بلا أدنى شك تملك قادة وسياسيين هم أحرص بكثير على عزة شعبهم وسمو وطنهم واستقلاله، من بعض سياسيي المنطقة، فلم يبيعوا بلدهم ولم يرهنوه لأحد، وإنما بحثوا عن مصالح شعبهم، موقنين بأنه ليس في العلاقات الدولية جمعيات خيرية، وإنما تبادل للمصالح والمقدرات بما يؤمن سمو الشعوب واقتدار الدول..
أما دولتنا المرهونة للحصار الأميركي ومزاج غيره، فقد استفاقت على الحديد بعد أن طارت أوهام الحرير، وانهارت عقود من سياسات الارتهان ورهن البلد واقتصاده، في غابات القروض والشروط.
ونحن اللبنانيين الباحثين في غاباتنا الاقتصادية عن بضعة ليترات من الزيت وصفائح البنزين، وبعض السكر والارز والطحين، اما آن الاوان أن نوقف معاركنا مع طواحين الهواء؟، وأن نسير بما يخدم بلدنا وأهلنا؟. وهل من يعيد وصل الخطوط الحكومية المقطوعة لتكون أول استفاقة للسياسيين في هذا الزمن الصعب، كخطوة أولى على الطريق الطويل، ومن ثم النظر بعين الحاجة الوطنية لا الإملاءات الخارجية؟.
عاد الحراك السياسي، ورصدت بعض الأفكار الجديدة. ولأننا في لبنان، فلا شيء محسوما الى الآن ..
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أو تي في”
في الصفحة 165 من كتابه الشهير “قصتي مع الطائف”، يتحدث رئيس حزب الكتائب، وأحد أبرز أركان اتفاق الطائف، الوزير والنائب الراحل جورج سعادة، عن دور رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة فيقول: “من المعلوم أن الحكومة لا يمكن أن تشكل إلا بمرسوم يوقعه رئيس الجمهورية، وصلاحيته في هذا المجال مطلقة. لقد رفضنا في مناقشات اجتماعات الطائف اي نص يحد من صلاحيته هذه، رافضين كل الاقتراحات التي كانت تنص على إعطائه مهلة محددة لقبول التشكيلة التي يرفعها اليه رئيس مجلس الوزراء، او اللجوء الى مرجعية معينة لبت الموضوع كالمجلس النيابي”.
ويضيف الراحل الدكتور جورج سعادة: “من هنا، على رئيس الجمهورية أن لا يوافق على أية تشكيلة حكومية إذا لم يكن مطمئنا الى أعضائها، او على الأقل الى أكثر من ثلث الأعضاء، ليؤمن الى جانبه ما تعارفنا على تسميته بالثلث المعطل، الذي له اكثر من تأثير في مجريات الأمور داخل مجلس الوزراء”.
وهذا الموضوع أيضا، قيل إن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يتحدث عنه، كلما ذكر له أحد أن الطائف استهدف صلاحيات رئاسة الجمهورية لإضعافها.
لكن، في مطلق الأحوال، هذا الموضوع تجاوزه الرئيس ميشال عون منذ المرحلة الاولى للمشاورات، على اعتبار أن الحكومة المنتظرة هي حكومة اختصاصيين، وبالتالي لا حصص فيها ولا أثلاث. لكن، على رغم إعلان رئاسة الجمهورية في أكثر من بيان رسمي أنها لا تطالب بالثلث المعطل، ظل الموضوع تهمة سياسية تلاحق رئيس الدولة على ألسنة معرقلي التشكيل، في معرض إمعانهم في تخطي الدستور وضرب الميثاق، عبر الامتناع عن الاتفاق مع رئيس البلاد على تشكيلة تعتمد معايير واحدة، في التعاطي مع اللبنانيين.
غير أن ما فات كثيرين خلال تلك المرحلة، التي صار فيها العنوان الإعلامي والسياسي لدى الخصوم، اتهام فريق رئيس الجمهورية بمحاولة الحصول على الثلث المعطل،…ما فات كثيرين أن الفريق المقابل كان يعمل بشكل مستتر للحصول، لا على ثلث معطل فقط، بل على نصف مسيطر، أي على النصف زائدا واحدا من عدد الوزراء، ما يجعله عمليا قادرا على التحكم بقرارات حكومية كثيرة، ويضع التدقيق الجنائي وسائر الإصلاحات، في مهب الريح.
وهذا هو تماما ما تحدث عنه بيان المجلس السياسي “للتيار الوطني الحر” اليوم، حيث أعلن بوضوح تام أن “التيار “يرفض إعطاء الرئيس المكلف وفريقه النصف زائدا واحدا في الحكومة، لأنه سيستعمله لمنع الإصلاح وتعطيل التدقيق الجنائي، وفرملة كل محاولات محاربة الفساد”.
وعلى هذه النقطة بالذات، سارع المكتب السياسي ل- “تيار المستقبل” الى الرد ببيان لا يخلو من الشخصانية بالقول: “إن رئيس “التيار الوطني الحر” يتعمد اللعب على حافة التحريض الطائفي، ويقفز من معيار الى معيار ليضمن الوصول الى الثلث المعطل، ويخترع للرأي العام اللبناني حجة جديدة و”بعبعا” سياسيا اسمه النصف زائد واحد للرئيس المكلف”.…علما ان “البعبع” الذي يمنع التأليف وفق أوساط “التيار الوطني الحر” يبقى التدقيق الجنائي الذي يخشاه أفرقاء معروفون ويعطلون التأليف منذ خمسة اشهر، على أمل نيل أكثرية وزارية قادرة على الإطاحة به.
في كل الأحوال، في انتظار بلورة المشهد الحكومي في ضوء ما يحكى عن مبادرات، لا يزال بعض من كان يعول عليهم للتغيير يخطئون في العنوان، فالتظاهرات، كبيرة كانت أم صغيرة، لا ينبغي أن توجه ضد قصر بعبدا، اذا كان هدف القائمين بها هو فعلا الإصلاح. فقصر بعبدا بمن فيه اليوم هو رأس حربة الإصلاح. ليس منذ اليوم، بل منذ عقود، منذ زمن المنفى، حيث كان يطالب مذ ذاك بالتدقيق وبالحسابات، على ما هو موثق عشرات المرات بالصوت والصورة.أما عناوين الفساد والفاسدين، فيعرفها جيدا جميع اللبنانيين،…ويكفي إضاعة للوقت.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أم تي في”
فقدان الثقة المتبادل بين رئيس الجمهورية وفريقه من جهة، والرئيس المكلف من جهة أخرى، ولد فيضا لا ينقطع من السجالات العنيفة والمطالب التعجيزية التي لا يقول بها الدستور، ولا يقبل بها سوى المهزوم، فيما تثبت الوقائع المحلية والإقليمية والدولية، أن لا قدرة لأحد على فرض أي تغيير من خارج الأطر الشرعية.
في هذا الإطار يندرج التراشق الحامي بالبيانات بين “التيار الوطني الحر” و “تيار المستقبل” اليوم، حيث اتهم البرتقالي الرئيس الحريري، بأنه “يريد تسمية الوزراء المسيحيين والسيطرة على نصف الحكومة زائدا واحدا”، فرد التيار الأزرق باتهام باسيل بالإصرار على “تنغيص الشعانين على المسيحيين، وبتحميل الرئيس المكلف تبعات ردود الفعل التي يتسبب بها فريق باسيل الخاص العامل في بعبدا، وحشره الرئاسة في ممارسات تعرضها للانتقاد والسخرية”.
أمام الانسداد الكبير، لم يبق سوى المبادرة التي أطلقها الرئيس بري لتشكيل حكومة تقوم على مقايضة، عنوانها: قبول الرئيس الحريري بتوسيع حكومة الاختصاصيين من دون أن يكون لأي فريق ثلثا معطلا فيها. لكن القلق اكتنف المبادرة الوليدة مخافة أن يكون بيان “التيار الوطني الحر” اليوم والتصلب الإيراني أمس، قد أجهضاها في مهدها، اللهم إلا إذا كان التصعيد يندرج في إطار المزايدة، تمهيدا للتفاوض من موقع أقوى.
الواقع الحزين والمقلق الذي انحدر إليه أهل المنظومة، يثير دهشة واستهجان الموفدين الدوليين والسفراء المعتمدين في لبنان، لكنه على ما يبدو لم يحبطهم، إذ يصفون في كواليسهم تصرفات المسؤولين اللبنانيين، بانها مؤشرات انهيار حتمي وسريع للمنظومة.
ورغم الآلام والأوجاع والخسائر التي يتكبدها لبنان وشعبه، فإن حلولا بحجم الأوجاع ستبدأ بالظهور، إنطلاقا من حقيقة أن لبنان ممنوع أن ينهار ويسقط. في السياق واصل السفير السعودي جولته على القيادات، فالتقى رئيس التقدمي وليد جنبلاط في المختارة، ومن هناك غرد مهاجما المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني من دون أن يسميه، والذي اغتال بموقفه أمس المساعي المبذولة لتشكيل حكومة في لبنان.
تزامنا يحتفل لبنان بعيد الشعانين، فيما وضعت الأزمة شعبه على درب الجلجلة والصلب، وهو فاقد الأمل بقيامة قريبة.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “أل بي سي آي”
يكاد خبر توقيع مذكرة تفاهم شاملة للتعاون الاستراتيجي بين الصين وإيران، وعلى مدى خمسة وعشرين عاما، أن يكون الخبر الأهم حول العالم.
المذكرة التي وقعت في طهران اليوم، تشمل مجالات النفط والطاقة والاستثمارات العسكرية والبنى التحتية، وقيمتها لم تحدد علنيا، في وقت تحدث بعض المحللين عن أنها تقدر بنحو 400 مليار دولار.
اهمية التوقيع هذه، أنها ذات أبعاد اقتصادية وسياسية. فمسار المذكرة بدأ فعليا في العام 2016، خلال زيارة الرئيس الصيني الى إيران، ولكن توقيتها اليوم هو الأهم. فهي وقعت في عز الكباش الأميركي الصيني، والصيني الغربي، والاشتباك الأميركي الإيراني حول ملف طهران النووي.
الصين حققت مبدئيا مرادها من الاتفاقية. فالعملاق الإقتصادي بحاجة دائمة للطاقة وهو يستورد 75 % من حاجته، في وقت تمتلك إيران ثالث أكبر احتياطي من النفط في منظمة “أوبك”. وهدف بكين الأول تأمين النفط بشكل سلس وأسعار مخفضة، ويبدو أنه قد تحقق.
أما نفوذ الصين فتعززه الاتفاقية.. فإيران موجودة على مدخل مضيق هرمز، والصين تاليا، أصبحت قادرة على تثبيت وجود استراتيجي لها قرب المضيق، من حيث يمر معظم نفط الخليج الى العالم.
وبكين من خلال المذكرة أيضا، جعلت طهران شريكا في مشروع الحزام والطريق، أي الخطة الصينية الضخمة لإقامة مشاريع بنى تحتية تعزز علاقات الصين التجارية مع آسيا واوروبا وافريقيا.
ايران من جهتها حققت ايضا ما تريده.. فهي من خلال الاتفاقية، فكت ولو مبدئيا عزلتها، وستحاول تقويض ضغوط سياسة العقوبات الأميركية القاسية عليها، وستستغل التوقيع في مفاوضاتها المرتقبة مع واشنطن، في وقت ستستفيد من نقلة نوعية اقتصادية، ومالية واستثمارية وتقنية، وحتى عسكرية، ما يسمح لها بتعزيز نفوذها.
الاتفاقية وقعت، وهي تحتاج لموافقة مجلس الشورى عليها، المتوقعة قبل موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران المقبل.. فهل ستمر من دون عقبات، لا سيما مع الإعتراض عليها في الداخل الإيراني، خوفا من سيطرة الصين على إيران؟.
وماذا عن موقف الولايات المتحدة منها، فهل ستعتبر أنها تضرب نفوذها في المنطقة والعالم، وتعيق مسار عودة التفاوض بينها وبين إيران، وماذا ستكون ردة فعلها لا سيما بعد دعوة الرئيس جو بايدن الدول الديموقراطية الى إطلاق مبادرة في وجه “الحزام والطريق” تساعد من هم فعلا بحاجة للمساعدة من دول العالم؟.
وفيما الدول العظمى ترسم خارطة العالم السياسية، والصراع على أشده حول من يمسك بالإقتصاد العالمي، وفيما اوروبا والخليج وكل الشرق الاوسط، يراقب عن كثب التطورات المتسارعة، وانعكاساتها، يبحث السياسيون اللبنانيون عن الحكومة…
يخترعون لها كل يوم حجة تعطيل جديدة. فمرة تكون الحجة تعطيل الثلث المعطل.. ومرة تكون الحجة تعطيل الإمساك بالنصف زائدا واحدا. وفي النتيجة: لا حكومة…إنما انتظار لتبلور صورة الشرق الأوسط وفي صلبه لبنان. فيما اللبنانيون يلعنون موقع بلادهم الجغرافي، وساستهم الصغار في لعبة الكبار…
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “الجديد”
عملا بالتوقيت الصيفي، فإن الساعة لدينا لا تقدم ولا تؤخر، ومن يتحكم بمسارها ومسارنا عقارب الزمن من الكبير إلى الصغير. وتقديم الساعة ستين دقيقة هذه الليلة سيدخل في عداد الوقت المهدور، وإن أطلت أيامه من صوب الأعياد. فلا الرئيس المكلف سيحمل غصن زيتون ولا الرئيس الظل سيفرش سعف النخيل والشعنينة المباركة، سيليها أسبوع الآلام بجمعته الحزينة قبل أحد القيامة.
لبنان في الفصح المجيد على حاله، مصلوب ومنهوب. وبعد أشهر من إضاعة الوقت في المعايير والثلث الضامن وأخواته من عائلة النصف زائد واحدا، رمى جبران باسيل بضاعة جديدة في سوق التأليف. ومن اجتماع المجلس السياسي طرح معادلة تعطيل جديدة، إذ رفض إعطاء الرئيس المكلف وفريقه النصف زائدا واحدا في الحكومة، لأنه “سيستعمله لمنع الإصلاح وتعطيل التدقيق الجنائي وفرملة كل محاولات محاربة الفساد”.
طرح باسيل لاءاته الجديدة في وجه الرئيس المكلف سعد الحريري، لا مشاركة في الحكومة لا ثقة ولا نصف زائد واحدا، وكاد جبران المريب يقول خذوني. في حرب التيارين بمجلسيهما العسكري، البيان بالبيان والبادي أظلم. فقد ابتدع “التيار الوطني الحر” حرة السياسية وقلب التهمة اللصيقة به وجيرها الى الرئيس المكلف، وحذر المجلس السياسي من “خطر المنحى الإقصائي للحريري في تعامله مع رئيس الجمهورية والكتل البرلمانية”، ورأى في هذا السلوك “رغبة واضحة في أن يسمي بنفسه الوزراء المسيحيين فيكون له نصف أعضاء الحكومة زائدا واحدا.
ورد المكتب السياسي ل- “تيار المستقبل” متهما باسيل بالإصرار على “تطييف الأزْمة الحكومية وتغليفها بشروط تتلاعب على الوتر الطائفي وحقوق المسيحيين، وأنه نسي أو تناسى المعايير التي جرى الاتفاق عليها في قصر الصنوبر”، واتهمه ب- “اللعب على حافة التحريض الطائفي والقفز من معيار إلى معيار، ليضمن الوصول إلى الثلث المعطل ويخترع للرأي العام اللبناني حجة جديدة، وبعبعا سياسيا اسمه نصف زائد واحدا للرئيس المكلف”.
التيار الأزرق قصف جبهة ميرنا الشالوحي بسلاح المهارات التي يستخدمها باسيل، للتحايل على اللبنانيين فهو يرفض المشاركة في الحكومة ثم يحدد المعايير لتأليفها، ويبرر لرئيس الجمهورية المطالبة بالثلث المعطل، وينصب نفسه وليا حصريا على حقوق الطوائف المسيحية، ثم يلوح للرئيس المكلف بأنه لن يعطي الحكومة الثقة. وختم بيان “المستقبل” بالقول: “نتفهم التخبط الذي يعانيه جبران، لكننا لا نتفهم أن يعتبر القرار السياسي لرئاسة الجمهورية خاتما في إصبعه.
التعليق على التيارين لا يلغي حقيقة أن الأزمة استفحلت بين أولياء التشكيل، وأن كل ما يحكى عن مبادرات وتسويات لا تعدو كونه جوجلة أفكار وهروبا إلى الأمام، ومراوحة في المكان لأن الضوء الأخضر للتأليف في غير مكان، وما يصيبنا إلا ما رسم الآخر لنا. سفراء كبرى الدول جالوا والتقوا وتحدثوا عن اللا حل، إلا بالتسوية ومن ساوى لبنان بحرب اليمن ما ظلم، فهناك على تلك الأرض الساخنة جهود أممية وعربية وخليجية بذلت مع الحوثيين لم تؤت ثمارها في وقف نزيف الحرب.
وما بين اليمن ولبنان، تقع إيران، ومن هذا المثلث كان موقف سعودي من المختارة حيث جال السفير وليد البخاري في أروقة القصر، ومن مضافة وليد جنبلاط قال: “إننا نقف أمام مسؤولية تاريخية مشتركة، لنؤكد أننا مع عروبة لبنان وأننا كنا وسنبقى عربا مسيحيين ومسلمين”. وشدد البخاري على أن “لوثة القوى الظلامية تقتات على إلقاء مسؤولية خياراتها السياسية على جهات خارجية هروبا من الفشل”.
جولة البخاري على المرجعيات وبينها جنبلاط، اتخذت اليمن منصة لانطلاقتها. أما الجولات على منصة التأليف فقد حاولت البحث عن خيط مفقود. ومن ضمن المساعي ما بادر اليه النائب ابراهيم كنعان الذي اجتمع برئيس الجمهورية ميشال عون، ورتب بعض المصطلحات لتعريبها في بكركي، على أن يعود الى لقاء عون مجددا غدا. يحاول كنعان جمع الشتات السياسي لتكوين تصور مشترك سماه المقبول، لكن تحرك رئيس لجنة المال والموازنة سيكون له موازنة ملحقة، وأبواب تصريف داخل “التيار” نفسه، فهل يتمكن كنعان من انجاز مشروعه أم سيحال الى اللجان الباسيلية المشتركة؟.
ومن مسعى إبراهيم “التيار” الى مهمة إبراهيم الفرنسية، حيث غادر المدير العام للأمن العام الى باريس في زيارة بحث وتحر عن المبادرة الفرنسية. والزيارة التي حدد موعدها قبل شهر، والمبنية على دعوة رسمية من نظيره الفرنسي، فإنها ستكون على خطوط ساخنة لبنانيا لتستطلع الأفق ربطا بجولة الرئيس ايمانويل ماكرون على دول الخليج.
واستنادا الى النائب جورج عطالله، فإن رئيس الجمهورية أبلغ اللواء عباس ابراهيم رسميا أنه لا يريد ثلثا معطلا في الحكومة. لكن هذا البلاغ تحول لاحقا الى محضر ضبط قدمه عون شخصيا في ما عرف بلقاء الإثنين الأسود، و”عواميده” الأربعة المرتفعة باتجاه التعطيل.