هذه التغريدة، تُبطل العجب حول سلوك باسيل الكيدي مع الحريري، ومحاولاته الحثيثة لقطع كل الطرق على تشكيل الحكومة وعلى عودته الى السراي الكبيرة، حيث لم يعد خافيا على أحد أن باسيل لا يريد الحريري رئيسا للحكومة وهو أقنع عمه رئيس الجمهورية ميشال عون بذلك، وأعطى توجيهاته للفريق الرئاسي من مستشارين ومحيطين بالقصر إشاعة ما أمكن من أجواء سلبية تجاه الحريري، للحؤول دون حصول أي تفاهم بينه وبين عون.
لذلك، لم يعد مستغربا التناقض الذي يتخبط فيه عون في تعاطيه مع الحريري على مدار 18 لقاء من مشاورات التأليف، كما لم يعد مستغربا المؤتمر الصحافي الذي عقده عون عشية الاستشارات النيابية الملزمة لاقناع النواب بعدم تكليف الحريري تحت عنوان: “إختيار الأنسب”، وكذلك مخاطبة دوائر قصر بعبدا الحريري بـ”حضرة رئيس وزراء لبنان السابق”، إضافة الى مسار طويل من التعطيل يسلكه باسيل، تارة بالميثاقية وتارة أخرى بوحدة المعايير، ومؤخرا ببدعة رفض إعطاء الحريري النصف زائدا واحدا.
لا شك في أن باسيل يخوض مع الحريري معركة وجود، فهو يرفض عودته لرئاسة الحكومة بشكل قاطع، وبما أنه تم تكليفه رغما عنه وبأصوات 65 نائبا، فإن الخيار الوحيد لديه هو حصوله على الثلث المعطل، ليكون شريكا مضاربا للحريري في الحكومة، وقادرا على التحكم به من خلال سيف الاستقالة المسلط على رقبته، وبالحكومة عبر حاجتها الى موافقته للسير بأي قرار يمكن أن تتخذه، بما يمكنه من مفاوضة ومقايضة الحريري على جملة من الأمور، إضافة الى أن الثلث المعطل يبقي باسيل ضمن المعادلة السياسية، ويساعده على تحقيق طموحاته الرئاسية التي بدأت تترجم سيطرة على قصر بعبدا من خلال المستشارين الذين يتابعون العديد من الملفات، فضلا عن قيام باسيل بلعب دور “رئيس الظل” من خلال الهيمنة على قرارات رئيس الجمهورية الذي يرفض أي صيغة حكومية يقدمها الحريري لا ترضي صهره ولا تصب في مصلحة تياره السياسي.
يمكن القول، إن باسيل بعدما خرب اللقاء الـ18 بين عون والحريري وجلس على تلته، عمل على نسف كل المبادرات التي حاول البعض من خلالها رأب الصدع سواء من خلال زيارات السفراء الى قصر بعبدا وبيت الوسط، أو عبر الوساطات الداخلية التي جاء بيان المجلس السياسي للتيار الوطني الحر ليعطلها من خلال بدعة جديدة تقضي برفض إعطاء الحريري النصف زائدا واحدا في الحكومة لأنه “سيستخدمه في تعطيل الاصلاح والتدقيق الجنائي ومحاربة الفساد”.
كل ذلك يؤكد أن باسيل ماض في معركته مع الحريري حتى النهاية، وفي تعطيل أي مبادرة يمكن أن تؤدي للوصول الى قواسم مشتركة عبر تشكيل الحكومة، إلا في حال حصوله على الثلث المعطل الذي يبقيه على قيد الحياة سياسيا، خصوصا بعدما خسر شعار المطالبة بحقوق المسيحيين الذين نزل كثير منهم الى الشوارع إحتجاجا على الأوضاع المعيشية، وأكدوا أن حقوقهم تتمثل بتأمين لقمة العيش وبوقف الانهيار الاقتصادي والمالي وليس عندما يحصل التيار الوطني الحر على المكتسبات السياسية.