أمّا ما تبّقى من الوقت، وهو قليل نسبيًا، فقد خصصّه رئيس البلاد للحديث عن الوضع العام في البلاد، في محاولة غير موفقة لتبرير فشل العهد، من خلال جملة تساؤلات ساخرة، ومنها: «نعم، أعترف.. انا من استدان مبلغ 90 مليار دولار حتى أفلست الخزينة، وأنا من صنع فيروس كورونا ونشره، وانا من فجّر نيترات الأمونيوم في المرفأ، وانا من امعن في مؤسسات الدولة هدراً وفساداً على امتداد عقود، كنت منفياً خلالها الى فرنسا، وانا من أنشأ الصناديق والمجالس، وانا من أشعل الحرب السورية وأتى بالنازحين الى لبنان، وانا من أدخل “داعش”.
ويضيف: “ربما يحملونني المسؤولية لأنني اتخذت القرار باجتثات الإرهابيين من الجرود، ودفعت في اتجاه إقرار مراسيم النفط التي تحمي حقوقنا الطبيعية، وتمسّكت بوضع قانون انتخابي يحقق افضل تمثيل ممكن، وقاتلت لاعتماد الإصلاحات الحيوية وفتح ملفات الفساد وإجراء التدقيق الجنائي الهادف الى معرفة حقائق الإنهيار المالي والاقتصادي.. لقد كان يتوجب عليّ ألا أفعل كل ذلك حتى يصبح عهدي ناجحاً”.
لكل هذا، وهو غيض من فيض، لا نزال مقتنعين بالمثل الشعبي القائل “أن الدنيا وجوه وعتاب”، مع ميلنا إلى التصديق بأنه كان في الإمكان أفضل مما كان لو لم تُعتمد سياسة “أنا أو لا أحد”، أو مقولة أحد الخبثاء “صهري أو لا أحد”، أو لو لم يُستنزف “العهد القوي” بـ”حروب الطواحين” المتعدّدة الجبهات.
لمن فاته قراءة نص المقابلة مع الرئيس عون ننصحه بتصفحّها والتمعّن بكل كلمة قيلت، وليتذكرّ وهو يقرأ أن ثمة أناسًا جائعون، وهي كلمة مركبة من نصفين، وهم على قاب قوسين أو ادنى من أن يشحدوا الملح.
سنة ونصف سنة باقية من “العهد القوي”، ومن سيبقى على قيد الحياة سيخبرنا حتمًا ما رأى وما سمع.