وعلى الاثر، قال الرئيس السنيورة: “بداية، أود أن أعبر عن اعتزازي بزيارتي لهذا الصرح هذه المرة كما وفي كل مرة آتي للاجتماع بسيدنا المطران عودة، وهي كالعادة تكون مناسبة لتبادل الحديث سوية في مواضيع تهم الشأن العام في لبنان. آتي هذه المرة لزيارة المطران عودة، ولأول مرة عقب التفجير المريب الذي حصل في مرفأ بيروت، وأدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا والجرحى، ودمر قسما كبيرا من العاصمة وجزءا من هذا المبنى كما أخبرنا سيادة المطران عودة”.
أضاف: “الزيارة كانت مناسبة أيضا لأن أشد على يدي سيادة المطران عودة، ونؤكد له على اهتمامنا وتقديرنا واعتزازنا وتأييدنا لما يقوم به في خدمة لبنان واللبنانيين ولما يقوله ويؤكد عليه في كل أسبوع من عظات، وحيث يؤشر الى الخلل المتمادي الذي يستشري في لبنان. هذه العظات هي في غاية الأهمية ومقدرة وينتظرها اللبنانيون في كل أسبوع، وهم يؤيدون مواقفه. وهي أيضا ذات المواقف التي يطرحها ويرددها غبطة البطريرك الراعي كل أسبوع، والتي تعبر بالفعل عن معاناة الناس وعن آلامهم وغضبهم مما يجري في لبنان، والذين يعبروا بصرخاتهم تأييدا للأفكار الجريئة التي يقولها المطران عودة في هذه العظات ويقولها أيضا غبطة البطريرك”.
وتابع: “كذلك شكلت هذه الزيارة مناسبة لبحث العديد من الأمور التي يشكو ويتألم منها اللبنانيون، ولا سيما في هذه المرحلة التي لا نزال نرى فيها الكثير من الاستعصاء والممانعة التي يقوم بها ويفتعلها البعض من أجل عرقلة جهود تحقيق هذه الخطوة الأساسية التي ينتظرها اللبنانيون في تأليف الحكومة العتيدة التي تشكل الباب الأساس للبدء بإجراء المعالجات المطلوبة، وهي بالفعل جزء من سلسلة طويلة من الخطوات المهمة التي يجب ان تتم من اجل معالجة المشكلات والانهيارات التي يعاني منها لبنان واللبنانيون. وهذه السلسلة من القضايا الخطيرة التي يعاني منها لبنان يتطلب لحلها مجموعة من القرارات الهامة والاساسية، وأولها وليس أصعبها عملية تأليف الحكومة”.
وقال: “ها قد مضى على بدء جهود تأليف الحكومة تقريبا 8 أشهر، وها هم اللبنانيون لا يزالون يعانون الامرين نتيجة هذه القيود والاستعصاءات والعراقيل التي يضعها البعض ضد تأليف الحكومة العتيدة على الشكل الذي طالب به اللبنانيون بأن تكون حكومة إنقاذ من الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين، وهي الفكرة التي صاغها الرئيس ماكرون على أساس من هذه المطالب، وشكلت جوهر مبادرته الإنقاذية. اللبنانيون يريدون حكومة تدرك وتحس وتشعر بالفعل مع اللبنانيين، والتي يفترض بها أن تحظى بثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي، وتتولى مهامها في إجراء الإصلاحات التي يحتاجها لبنان واللبنانيون. ولكن الهول الذي يشعر به اللبنانيون الآن ويضايقهم ويتمثل بهذه الممارسات والعقبات التي تعترض تأليفها، والتي في جزء كبير منها ما يخرق الدستور والقوانين التي يستند عليها لبنان وتخرق المبادىء الأساسية التي قام عليها لبنان وهي فكرة العيش المشترك”.
أضاف: “المشكلة الكبرى الآن تتمثل بالممارسات الخطيرة التي يفتعلها بعض السياسيين وكأن شيئا لم يحصل في لبنان ولا توجد أي كارثة رهيبة تطبق على رقاب جميع اللبنانيين. هم يظنون أنه لا توجد أي معاناة لدى اللبنانيين، والمشكلة أنه ما زال هناك سياسيون ومسؤولون وأحزاب ينظرون إلى أمر تأليف الحكومة من زاوية تحديد حصصهم في التشكيلة الوزارية، وما هي الحصص التي يمكن ان يحصلوا عليها في هذه الحكومة والمواقع التي يستطيعون ان يمسكوا بها بتلابيب البلد وتلابيب اللبنانيين”.
وتابع: “المؤسف أن هذه الممارسات لن تؤدي الى النتيجة المبتغاة التي يريدها اللبنانيون. صحيح هناك قيود واستعصاءات وعراقيل ليست فقط محلية يقوم بها أولئك السياسيون وفي مقدمهم فخامة الرئيس، ولكن هناك قيود أخرى يبدو أنها استعصاءات خارجية، وهذه الجهات تمارس ضغوطها وتتلطى وراء رئيس الجمهورية وتحول دون إنجاز عملية تأليف الحكومة بالشكل المطلوب القادر على التصدي للمشكلات التي يعاني منها لبنان، وذلك من أجل الاحتفاظ بلبنان كرهينة لاستعمالها في قضايا لا علاقة للبنان بها”.
وقال: “الحاجة الآن هي لتأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن، والتفرغ بعد ذلك لإيجاد الحلول التي يحتاجها اللبنانيون من أجل إخراجهم من هذا الأتون العظيم الخطير والمهول، والناتج عن تراكم المشكلات وعدم المبادرة لإجراء الإصلاحات التي كان ينبغي أن تتم منذ سنوات. وها هم اللبنانيون يحصدون نتيجة استمرار الانكار والاستعصاء عن إجراء الإصلاحات التي يحتاجها لبنان من أجل إخراجه من مآزقه المتفاقمة. وهذه الأمور -للأسف- هي التي تحول دون إنجاز عملية تأليف الحكومة”.
أضاف: “باعتقادي، من الضروري في عملية التأليف، ان تكون الأمور واضحة والبوصلة واضحة اكان في الموضوع المتعلق بالعودة الى التأكيد والالتزام باحترام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني في الطائف والدولة اللبنانية، والتأكيد على سلطتها الكاملة على كل الأراضي اللبنانية والعودة الى احترام استقلالية القضاء والتأكيد على احترام نظامنا الديمقراطي البرلماني واحترام الشرعيتين العربية والدولية. هذه القضايا يجب ان تكون هي الهاجس الأساس في عملية التأليف، وبعد ذلك تمثل القواعد الواجب الالتزام بها في أداء الحكومة، فإذا لم يكن هناك من التزام في عملية التأليف باحترام هذه الأمور والقضايا وباحترام اللبنانيين الذين يطالبون بحكومة تمثلهم وترعى مصالحهم، فإن الحكومة الجديدة إذا تألفت على غير هذه الأسس لن تؤدي الى استعادة الثقة لا من اللبنانيين ولا من المجتمعين العربي والدولي، وبالتالي لن تستطيع الحكومة العتيدة أن تقدم شيئا للبنانيين، ولن يكون هناك إمكانية لإيجاد المعالجات الصحيحة ولإخراج لبنان من هذه المآزق المتناسلة”.
وختم: “هذه الزيارة كانت فرصة للتداول سوية بكل هذه المسائل، والتي نتشارك سوية مع سيدنا المطران وكل الزملاء الذين كانوا موجودين في هذا الاجتماع في رؤيتنا الواضحة للخروج من هذه المآزق، وبالتالي في ضرورة الالتزام الفعلي بها في عملية تأليف الحكومة، وأن تشكل الأسس الواجب احترامها بالتالي في طريقة أداء الحكومة لعملها بعد ذلك. أردنا من ذلك تنبيه المسؤولين الى ضرورة اتخاذ المعالجات السريعة لاخراج لبنان والا سيبقى الوضع سائرا باتجاه المزيد من التدهور، وهذا كله ليس في مصلحة جميع اللبنانيين”.