قصص مؤثّرة.. في الأشرفية عالم مجبول بالوجع والخوف والحاجة نسيه العيد

6 أبريل 2021
قصص مؤثّرة.. في الأشرفية عالم مجبول بالوجع والخوف والحاجة نسيه العيد

كتبت زيزي اسطفان في “نداء الوطن”: لبنانيون تائهون في دائرة الألم والفقر يعيشون من “قلة الموت” شبه حياة تسترها جدران متصدعة يخبّئون خلفها دموعهم واحتياجاتهم. . في الأشرفية التي كانت تجمع بين ضجيج الحياة وصخبها وبين عمق الإيمان وتأصّل الطقوس، رافقت “نداء الوطن” جمعية Lebanon of Tomorrow في جولة العيد على العائلات المحتاجة. وفي أحياء الأشرفية من الجميزة الى الرميل فالصيفي تكشّف عالم مجبول بالوجع والخوف والحاجة نسيه العيد لولا تشبث أهله بالإيمان وتعكّزهم على بعضهم البعض. من بين هذه القصص: 

خوف يسكن الأمس واليوم والغد

الخوف رفيقها مذ اجتاح عصف الانفجار منزلها ولم يترك فيه “حيطاً على حيط”، في ذلك المنزل القائم تجاه مستشفى القديس جاورجيوس، تغيرت حياة تريز الهبر واختلف كل ما فيها، انقلب رأساً على عقب رغم عملية ترميم البيت المنجزة التي تبدو الأمور معها وكأنها عادت الى طبيعتها. الحزن رابض هنا في القلب ومعه الخوف، يحل المساء حاملاً معه صوراً مرعبة لا تغيب من الذاكرة وتشرق الشمس محملة بأثقال نهار جديد متخم بالمتاعب والخيبات. “البيت تعرّض لدمار شامل”، تخبر تريز، “وأختي اصيبت واحتاجت الى جراحة فورية. عدة جمعيات ساعدتنا في الترميم، إبنتي وصهري وإخوتي حضنونا بعد الكارثة”. لكن ماذا عن اليوم؟ هل تخطت تريز وشقيقتها الصدمة؟ هل عادتا الى الحياة؟ بغصة تقول: لا شيء كالسابق: لا العمل، لا جمعة العائلة ولا العيد… لولا قداس يوم الأحد وصلوات اسبوع الآلام لما أحسسنا بطعم العيد. تريز التي تبدو متماسكة ” تعزّها الدني” حين تتحدث عن وضعها الحالي وما تتلقاه من مساعدات، “كأنني اشحد” تقولها بأسى بعد أن باتت بلا عمل، “لكن القلة على صعوبتها اقل وطأة من الخوف مما ينتظرنا”. هو الخوف يسكن الأمس واليوم والغد ويكاد يُلمس في عيني هذه السيدة الشامخة التي تتحايل على حزنها ومخاوفها لتستمر بما يشبه الحياة الطبيعية.

أخوات ثلاث يتأرجحن بين زمنين

في بيت عريق من بيوت الصيفي القريبة من الجميزة القديمة ثلاث اخوات مسنات اصغرهن بلغت سن التقاعد منذ فترة، ليلى، ماري-كلود وزبيدة سلوم، نساء كأنهن من زمن آخر صارت ايامه مجرد ذكرى. زمن عز ورخاء وثقافة ورقي أصيب منزلهن بالانفجار واصيبت فيه إحداهن. كان يمكن لحياة الشقيقات أن تكون أفضل بكثير ويعشن فترة تقاعدهن بسلام وسترة لو لم يقتحم عصف الانفجار منزلهن وتعصف الظروف الاقتصادية بواقعهن المادي الهش. إحداهن تعاني من تخلف عقلي وإعاقة جسدية تقعدها على كرسي متحرك، وأخرى تصارع مرضاً رئوياً يجبرها على استخدام الأوكسجين ليلاً نهاراً والثالثة لم يتبق لها سوى راتب تقاعدي ضئيل بالكاد يكفيها للاهتمام بشقيقتيها. الوضع صعب وحاجة الشقيقات الى العلاجات والأدوية كبيرة. من الحفاضات التي تحتاج الأخت المقعدة الى اربع منها يومياً، الى قنينة الأوكسجين التي بات إيجادها صعباً ومكلفاً، الى الأدوية التي تضاعف سعرها مرات ومرات إذا وجدت. بالأمس تعطل الـ ups الذي يشغل ماكينة الأوكسجين وكلف تصليحه مليوني ليرة دفعتها الشقيقة من اللحم الحي وإلا فقدت شقيقتها. من الجمعيات ومن شقيق لهن تحصل الشقيقات على مساعدة للاستمرار وتأمين احتياجاتهن اليومية. على الرغم من ذلك خلقن من حولهن أجواء العيد وحافظن على تقاليده، “لم نشتر المعمول تقول ماري-كلود واشياء كثيرة استغنينا عنها. نعيش كل يوم بيومه ولا نفكر بالغد حتى لا ننهار. كل يوم يمر علينا بسلامة نعتبره هدية من الرب. نحاول الا “نعتل” الهم كثيراً فنحن غير قادرات على تغيير اي شيء في حياتنا”. وحده الإيمان ينير لهن الدرب ويعطي طعماً للفصح ولكن يبقى الهم الكبير شقيقة ليس لها في الدنيا سوى أختيها.