ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي السيامة الأسقفية للمطران الجديد المنتخب أنطوان بو نجم راعيا لأبرشية انطلياس المارونية على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة”، بمشاركة السفير البابوي المونسينيور جوزيف سبيتاري ولفيف من المطارنة والكهنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والراهبات.
وحضر ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المدير العام للرئاسة الدكتور انطوان شقير، الرئيس أمين الجميل، النائب شامل روكز، وفاعليات سياسية وعسكرية ونقابية وبلدية واختيارية ومؤمنين وعائلة المطران الجديد.
الراعي
بعد رتبة السيامة الأسقفية والانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء – إرع خرافي” (يو 21:15)، وقال: “نجتمع بفرح لنصلي من أجل أخينا المطران المنتخب لأبرشية أنطلياس العزيزة أنطوان فارس بو نجم، فيما يعطي جوابه من القلب ليسوع الذي يسأله، كما سأل سمعان – بطرس: “يا أنطوان بن فارس أتحبني حبا شديدا مميزا؟ وهو يجيب من دون خوف، ولكن مع إدراك لضعفه وسقطاته: يا رب أنت تعلم كل شيء، وأنت تعلم أني أحبك (يو 1: 17)”.
أضاف: “أيها الأخ العزيز أنطوان المطران المنتخب، أنت تدرك حجم المغامرة التي تخوضها بأن تكون محبا للمسيح بشيء من البطولة. هذا تحد كبير أخذته على نفسك عندما قبلت انتخابك من سينودس أساقفة كنيستنا المقدس، بإلهام من الروح القدس، والشركة الكنسية الممنوحة لك من قداسة البابا فرنسيس. كان يسوع يعرف تماما أن سمعان – بطرس يحبه من كل قلبه، من خلال علامات ومبادرات ظهرت في ظروف مختلفة. فكان السؤال ثلاثا: “أتحبني حبا شديدا؟” ليؤكد هذه المعرفة، وليعلن أن كل سلطة في الكنيسة والمجتمع والدولة تستمد روحها ومعناها وديناميتها من محبة الله حبا شديدا ومميزا. بفضل حب سمعان – بطرس هذا ليسوع حبا سابقا وحاضرا، اختاره يسوع رأسا للكنيسة وراعيا للنفوس التي اقتناها بدمه على الصليب”.
وتابع: “هكذا أنت أيها الأخ العزيز، فالمسيح العارف بجوهر نفسك، ومكنونات قلبك، وأفعالك، دعاك واختارك بنعمة خاصة لتكون أسقفا لأبرشية أنطلياس العزيزة وأنت إبنها. هذا ما نعلنه في بداية الرسامة: النعمة الإلهية وموهبة ربنا يسوع المسيح السماوية تدعو وتختار أنطوان لترفعه من الدرجة الكهنوتية إلى درجة الأسقفية على كرسي أبرشية أنطلياس. هذه “النعمة التي تدعو وتختار” هي مجانية ونابعة من قلب المسيح” الكاهن الأزلي وراعي الرعاة” (1 بطرس 5: 4)، ما يعني أن الأسقفية ليست حقا مكتسبا لأحد، ولا هي هدف في سبيله تنصب المساعي”.
وأردف: “أجل، عرفك المسيح الرب منذ دعاك لدخول إكليريكية غزير، وأثناء متابعة دروسك الفلسفية واللاهوتية في كلية اللاهوت الحبرية بجامعة الروح القدس الكسليك، ثم خلال سنوات إختصاصاتك العليا في كل من لوبيانو بإيطاليا لمتابعة دورة حول روحانية الكاهن مع حركة الفوكولاري، والمعهد الكاثوليكي بباريس، حيث حزت على ماجستير في اللاهوت الرعائي مع اختصاص في الحوار المسيحي – الإسلامي. وكنت في كل ذلك تتهيأ من كل قلبك وفكرك وقوتك، لتكون كاهنا على صورة المسيح و”وفق قلبه” (إرميا 3: 15). بهذه الروح، انطلقت في خدمتك الكهنوتية والرعوية في كل مكان ومهمة ومسؤولية أسندت إليك تباعا من راعيي الأبرشية المثلثي الرحمة المطران يوسف بشارة والمطران كميل زيدان، وواصلتها مع سيادة أخينا المطران أنطوان عوكر الذي تولى بكل تفان رعاية الأبرشية مدة سنة ونصف كمدبر بطريركي”.
وقال: “لقد شملت خدمتك الكهنوتية أربعة قطاعات: الخدمة الرعوية في كل من رعية مار الياس – ديك المحدي، ومار يوسف العطشانة، وسيدة النجاة – عين علق، ومار جرجس – الشاوية، ومار روحانا – القنيطرة، فمار الياس – عين عار، والتعليم المسيحي في كل من مدرسة مار يوسف قرنة شهوان وثانوية بكفيا الرسمية، ومسؤوليات إدارية على مستوى الأبرشية منها: رئاسة دير مار جرجس بحردق، ونائب أسقفي للتعليم والرسالة، ومسؤولية التعليم المسيحي في المدارس الرسمية، ومشرف على راعوية الشبيبة، ومنسق للكهنة المتطوعين في حركة الفوكولاري في لبنان. ومرشديات: للطلاب الثانويين في مدرسة مار يوسف – قرنة شهوان، ولكشافة لبنان في المدرسة عينها، ولفريق السيدة في عين عار، وفرقة العائلات الجديدة في الرعية إياها، ولجماعة الإخوة المريميين في مدرسة شانفيل – ديك المحدي. لقد أعطيت، أيها الأخ العزيز، في كل هذه القطاعات، من كل قلبك فكسبت محبة الناس كبارا وشبيبة وصغارا. وهم اليوم يفرحون معك لدعوتك الجديدة، ويعتبرون أنك مستحقها ومستأهلها، وهم على الأخص يصلون من أجلك، كما أنت ستحملهم وكل الأبرشية في صلواتك وقداسك اليومي الذي تستمد منه القوة والهداية والتعزية”.
أضاف: “في رتبة رسامتك عنصران مكونان لأسقفيتك: وضع اليد، ومسحة الميرون. بوضع اليد، يمتلكك الله ويقول لك: إنك خاصتي. أنت تحت حماية يدي، تحت حماية قلبي. أنت محفوظ في عمق يدي، وفي متسع حبي. فأمكث في مساحة يدي، وأعطني يديك. ستمر في صعوبات متنوعة في خدمتك الأسقفية، ربما تحملك على شيء من اليأس والتراجع في الحماس، لكن لا تنسى أن المسيح يمد يده وينتشلك ويعيد إليك الثقة والشجاعة. تذكر كيف مد يده إلى سمعان بطرس، عندما صدمه الصيد العجيب وخر على قدمي يسوع قائلا: “تباعد عني أنا رجل خاطئ” كيف أخذه بيده وقال: “لا تخف! سأجعلك صياد بشر” (لو 5: 8). بعد كل اعتراف بالخطأ والضعف، يضاعف الله مسؤولياتنا. تذكر أيضا كيف مد يسوع يده إلى بطرس وانتشله عندما مشى على مياه البحيرة وأحس أنه يغرق، وصرخ “يا رب نجني!” فأمسك يسوع بيده وانتشله وقال: يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟” (متى 14: 39-41). سر ويد الرب معك وهي تنتشلك”.
وتابع: “أما مسحة اليدين بالميرون فهي علامة الروح القدس وقوته. تمسح اليدان، لأن اليد هي أداة العمل، ورمز القدرة على مواجهة العالم؛ وتمسحان لتكونا في خدمة محبة الله ولتنقلا عمله الخلاصي بواسطة الأسرار المقدسة. إنهما بذلك علامة القدرة على العطاء والإبداع عبر المحبة. بهذين الفعلين، يقيمك المسيح الرب في مصاف خلفاء الرسل الإثني عشر. وبهذه الصفة، أنت موضوع في خدمة الجماعة مع معاونيك الكهنة والشمامسة راعيا لقطيع المسيح، وباسمه وبشخصه، معلما للعقيدة، وكاهنا للعبادة المقدسة، ومدبرا للكنيسة (الدستور العقائدي في الكنيسة، 20). إنك تسير أمام شعبك كقدوة، ووسط شعبك كواحد منه، ووراء شعبك لتحميه من الضياع والذئاب. ونختم رتبة الرسامة بإعلانك أسقفا لأبرشية أنطلياس، وبتسليمك شاراتها الحاملة رموز سلطتك وخدمتك”.
وختم: “إنا إذ نهنئ أبرشية أنطلياس العزيزة براعيها الجديد والسيدة الوالدة والشقيق والشقيقة وعائلتيهما والمرحوم الوالد الذي يشاركنا من سمائه، وكل الأنسباء، وإخواننا السادة المطارنة أعضاء سينودس كنيستنا المقدس، نصلي إلى الله كي يعضد الأسقف الجديد في رسالته، فتكون لخلاصه الشخصي، وخير الأبرشية، وتمجيد الله الواحد والثالوث الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.