والأخطر، انّ ما هو متوقع من تطورات تزيد الامور تعقيداً، ومنها ما انتهت اليه مهمة شكري في بيروت، التي توحي بأنّها انتهت، ولن يكون لها اي تردّدات سوى الجانبية منها. فهو أسرّ الى بعض اصدقائه اللبنانيين، انّه بزيارته الى بيروت، وبعد استمزاج آراء الاميركيين واصدقاء دوليين وخليجيين آخرين وبالتشاور مع الجانب الفرنسي، فقد تمنّى على نظيره الفرنسي التريث في اعلان مواقف اكثر حدّة مما اطلقه الى اليوم. وهو بذلك يحاول منع الجانب الفرنسي من بلوغ مرحلة الانسحاب واللاعودة.
وإن اضاف العارفون ما لديهم من معلومات، يمكن القول انّ شكري يترقب قراراً فرنسياً حاداً لا يقارب ما يُشاع عن مجموعة العقوبات التي جرى الحديث عنها في الايام القليلة الماضية، بمقدار ما يتجاوز هذه المحطة لنفض اليد من المبادرة الخاصة بلبنان وتجميد مساعيها. وهي حسابات لا تمسّ الجانب الفرنسي بأي خطر، بل هي تهدّد القضية اللبنانية وما يمكن ان يؤدي اليه انحسار الاهتمام الدولي بها، وخصوصاً ان بات مماثلاً للإهمال الخليجي خصوصاً والعربي عموماً، الى درجة عدم الاكتراث بما سيؤول اليه الوضع نتيجة تنامي الأزمات وتشابكها الى درجات خطيرة، تضع البلد وكيانه ومؤسساته على شفير الانهيار.
عند هذه المؤشرات ارتفع منسوب القلق على ما هو متوقع من انهيارات مقبلة. فإنهاء مفاعيل زيارة وزير الخارجية المصرية في السرعة التي تحققت، وبطلان ما يؤشر الى اعطاء زيارة الامين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي اي اهمية تُذكر، دفعا الى توقعات سلبية، وسيعززها تجميد الاتصالات التي اجراها عدد من السفراء من اصدقاء المبادرة الفرنسية، نتيجة ما اصابهم من يأس وقنوط من إمكان تصويب البوصلة. ففي رأيهم، انّ «الحكومة المغيّبة» هي بداية الطريق الى التعافي والإنقاذ، وهو ما لم يدركه المسؤولون بعد او أنّهم لا يريدون ذلك اياً كان الثمن.