لم يحدث أن خاف اللبنانيون على بلادهم وأولادهم كما يخافون اليوم. سرقت المنظومة الفاسدة مدخراتهم وشرذمت تحركاتهم وأيقظت كل أنواع الجروح لتديم فسادها وتسلطها وهيمنتها. يفر اللبنانيون من لبنان كأنه وباء يحدق بهم وبأطفالهم. هذا يهاجر أو يخطط للهجرة. وذلك يعجز فينقب في النفايات عما يسد الجوع. لم يحدث أن أُذِل اللبنانيون كما يذلون اليوم. مسرحية التدقيق الجنائي المتأخرة لا تعطي العهد ورقة تين. كان على ميشال عون أن يتصرف كرئيس منذ اليوم الأول. كان عليه ألا يدخل القصر عبر سلسلة من التعهدات المتناقضة والوعود والمحطات الغريبة.
التدقيق الجنائي المتأخر لا يعطي العهد ورقة تين
كتب غسان شربل في” الشرق الاوسط”:هل مات لبنان؟ هل فقد مبررات وجوده بعدما أضاع دوره؟ هل ثمة فرصة جدية لترميم لبنان القائم على التعايش والتوازن والانفتاح أم أننا في الطريق إلى لبنان آخر ستحمل ملامحه آثار حروبه وحروب الآخرين فيه وعليه؟ هل يستطيع هذا الدم اللبناني الحار المتمثل في الشابات والشبان الغاضبين اختراع لحمة لبلد احترف الهشاشة منذ نعومة أظفاره؟ وهل يمكن ترميم البيت اللبناني وإعادة الاحترام إلى النوافذ والأبواب بحيث لا يبقى مشرعاً على كل أنواع الاستباحات أو الأحلام الانتحارية؟ وهل صحيح أن على اللبنانيين الاعتياد على لبنان آخر أشبه بمحافظة فقيرة لا تزعم دوراً أو ريادة أو اختلافاً؟ وهل صحيح أن لبنان قُتل مرة في حروب اللبنانيين وقتل دائماً في حروب الآخرين؟