كتب جوني منير في “الجمهورية“: صحيح انّ وكيل وزارة الخارجية الاميركية ديفيد هيل يقوم بزيارة الى لبنان بدءاً من بعد ظهر اليوم، إلا أنّ زيارته تبقى في إطار الزيارة التوديعية ولو أنها ستحمل بعض الرسائل حيال الواقع اللبناني اضافة الى التذكير بملف ترسيم الحدود البحرية.
قد تكون الرسالة الأهم في اختيار خليفته فيكتوريا نولاند التي تنتظر تعيينها رسمياً في موقعها. فبخلاف هيل الذي عمل كسفير لبلاده في لبنان والاردن وكمبعوث لبلاده في لبنان والاردن، وكمبعوث خاص للسلام في الشرق الاوسط وخَدم في بعثات بلاده في السعودية والبحرين والامم المتحدة وهو ما جعله متخصصاً وخبيراً بشؤون الشرق الاوسط، فإنّ نولاند تعتبر خبيرة في شؤون روسيا حيث شغلت موقع مساعدة وزير الخارجية لأوروبا وأوراسيا.
صحيح أنها مصنفة كمهنية من الطراز الرفيع، لكن اختيارها كخبيرة في شؤون منطقة اوراسيا بعد ديفيد هيل الخبير في شؤون الشرق الاوسط، يعطي انطباعاً واضحاً بأنّ الاهتمام الاميركي بشؤون الشرق الاوسط سيتراجع بعض الشيء لصالح التركيز على الوضع الروسي. مع التأكيد على ان التراجع في اولوية الاهتمام لا يعني ابدا الانكفاء بل ترتيب جديد لسلم الاولويات. وجاء اختيار باربرا ليف كبديل عن ديفيد شينكر في موقع مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط، ليعزز صورة اختيار اصحاب الكفاءة المهنية اكثر من الولاء السياسي.
ذلك انّ ليف، التي تتقن العربية الى جانب خمس لغات اخرى، هي اقل تطرفاً وحِدّة من سلفها ولو أن مواقفها تعتبر صلبة. فهي مثلاً تعارض الانسحاب الاميركي العسكري الكامل من العراق والمنطقة. وهو ما يعني في اختصار ان التبدّل الوحيد في السياسة الاميركية تجاه لبنان سيكون باتجاه البحث في سبل تعزيز الضغوط لتحرير ملف الولادة الحكومية، مع عدم الاستبعاد بأن يكون ذلك بالتعاون والتشاور مع الفرنسيين. فالاعتقاد الذي يتوهّمه البعض بإمكانية المقايضة بين الحكومة وضمان دوره مستقبلاً لا يبدو في محله، هذا اذا لم يكن البديل اكثر قساوة، لأنّ المنطقة كلها اصبحت امام مرحلة جديدة مختلفة عن السابق.