في الاقليم مساران سياسيان حيويان يحكمان المشهد السياسي العام ويؤثران على معظم الدول في المنطقة، المسار الاول هو مسار تعطيل وعرقلة ومنع اتمام الاتفاق النووي، والثاني هو مسار وراثة النفوذ الاميركي.
يعمل ضمن المسار الاول كلّ من دول الخليج واسرائيل، اذ يعتبر هؤلاء انهم الاكثر تضررا من اي اتفاق تعقده واشنطن مع طهران، اذ ستعزر العودة للاتفاق النووي قدرات ايران المالية وستمكنها من دعم حلفائها في الاقليم.
يعمل هؤلاء على تسخين المشهد السياسي والميداني في المنطقة، وذلك لتحقيق هدف من اثنين، اما توتير الاجواء بين واشنطن وطهران وتطيير اي امكانية اتفاق، او امتلاك اوراق قوة يمكن التفاوض عليها في حال حصل الاتفاق.
في الساحة اللبنانية، سلمت القوى الاقليمية ان الانكسار الكبير في موازين القوى لصالح ايران لا عودة عنه في وقت قريب، لذلك لا يجب منح هذه الساحة هدوءً مجانياً، وبالتالي فإن تأمين غطاء سياسي لاي حكومة يسيطر عليها “حزب الله” غير ممكن.
تعمل هذه القوى على عدم دعم ساحة تسيطر عليها ايران، في نظرهم، وبالتالي ترك ورقة الاستقرار الى لحظة التسوية، عندها تحصل مقايضة ما، لذلك لا نرى السعودية وحلفاءها مستعجلين لتشكيل الحكومة.
المسار الثاني هو مسار تقوده ايران مع قوى دولية كبرى، يقوم على فرضية ان الانكفاء الاميركي من المنطقة حاصل وبالتالي يجب وراثته وملء الفراغ الذي ينتج عنه، وهذا المسار يعتمد على تشبيك سياسي واقتصادي وعسكري بين ثلاث دول هي ايران والصين وروسيا.
تعمل هذه الدول على اغلاق المنافذ في وجه قوى اقليمية اخرى كي لا تحل مكان الولايات المتحدة، وهذا ما سنشهده في سوريا في الاشهر المقبلة اذ ان المراعاة الروسية لتركيا ستتراجع.
في لبنان تحاول طهران منع نجاح اي مبادرة فرنسية، وتساعدها باريس، من غير قصد، من خلال تأييدها لطرف رئيس الحكومة في وجه خصومه ، لكن الايرانيين يرغبون في ان تملأ موسكو هذا الفراغ وهناك دفع جدي بإتجاه مبادرة روسية في الساحة اللبنانية.
الاخطر ان هناك من يرى في السقوط الكامل للهيكل اللبناني فوائد استراتيجية منها انحياز البلد اقتصاديا الى الشرق وعدم تمكن واشنطن وحلفائها من منع ذلك، لذلك فالاستعجال وتقديم التنازلات في هذه الساحة من اجل الاستقرار، وان كان في حسنات، لكنه، برأي البعض، غير ضروري..