كتب طوني عيسى في “الجمهورية“: في الأيام الأخيرة، بدأت تظهر ملامح تغيير في قواعد الاشتباك في سوريا ولبنان، من خلال الآتي:
1 – كلامٌ إسرائيلي على حَراكٍ عسكري لمجموعات «حزب الله» في جنوب سوريا، ضمن المنطقة التي اتفق الإيرانيون مع الروس على إخلائها.
2 – مخاوف إسرائيلية من سيطرة إيران وحلفائها على منطقة شمال شرق سوريا، إذا قرّرت إدارة بايدن الانسحاب منها.
3 – إستمرار «الحزب» في إمرار إمداداته عبر الحدود اللبنانية – السورية، على رغم الرقابة وأجهزة الرصد الأميركية والبريطانية هناك.
هذه المناخات توحي، على الأقل، أن إيران في صدد توسيع هامش حركتها، وأنها وضعت الإسرائيليين أمام تحدٍّ صعب في لحظة حسّاسة. وفيما المراوحة مستمرَّة في سوريا، يبدو متاحاً للإيرانيين تأمين جسر إمداداتهم إلى لبنان، حيث يسيطرون على غالبية القرار.
وقد تستهدف إسرائيل جزءاً من الإمدادات المعدَّة للإدخال إلى لبنان، لكن منعها بالكامل يصبح مسألة أصعب، يوماً بعد يوم، مع تراجع الضغط على إيران.
فماذا ستفعل إسرائيل، إذا قرَّرت إدارة بايدن المضي في مسار العودة إلى الاتفاق النووي والتعاطي بمرونة مع طهران؟
ستكون المواجهة صعبة بين إسرائيل والولايات المتحدة. وسيكون الإسرائيليون مضطرين إلى خلق أمرٍ واقع وفرضه على الجميع. وسيجدون أنفسهم أمام المواجهة الحتمية مع إيران، في النووي وسائر الملفات، ومنها النفوذ في لبنان وسوريا وشاطئ المتوسط و«حرب السفن» التي شهدت آخر فصولها في البحر الأحمر.
في هذا المشهد، هل هناك مكان لـ”سيناريو رعب” نووي؟
يجدر التذكُّر أن إسرائيل تواجه صعوبة لوجستية في توجيه ضربات جوية للمنشآت النووية الإيرانية، لكنها أظهرت قدرة على استخدام الأسلوب الاستخباري في نطنز. وإذا تمادت إسرائيل في هجماتها على المنشآت النووية، فإنها ربما تتسبَّب بكوارث أمنية وإنسانية، في مناطق سكنية يقطنها الملايين. وفي المقابل، وافتراضياً، يمكن لإيران أن «تَرْجُم» إسرائيل بآلاف الصواريخ من قواعد حلفائها في لبنان وسوريا.
لكن أحداً لم يجرؤ حتى الآن على استخدام «سيناريو الرعب» النووي ضد الآخر. ويخشى البعض أن يهرب الطرفان من رعبهما النووي ويعمدا إلى تنفيسه في أماكن أخرى، وخصوصا في ساحة النزاع المفتوحة بينهما، لبنان وسوريا. هُنا، لا أحد سيقيم حساباً للخسائر… مهما كانت مرعبة.