موانع اقليمية على مستويين تعرقل تشكيل الحكومة

15 أبريل 2021
موانع اقليمية على مستويين تعرقل تشكيل الحكومة


كتب جوني منيّر في” الجمهورية”: قد يكون قرار تأجيل زيارة دياب للعراق الى اجل غير مسمّى، كشف أن الموانع الاقليمية والتي تساهم في عرقلة الولادة الحكومية ما تزال موجودة. وهي على مستويين:
المستوى الاول، وهو يتعلق بالموقف السعودي المتشدد والذي ما يزال على حاله. فالسعودية ترزح تحت مشكلة اليمن وتوسُّع نفوذ الحوثيين الذي وصل الى مأرب. فالحوثيون باتوا يسيطرون على 75 % من مجمل سكان البلاد. والواضح ان ايران نجحت في تشكيل تهديد عسكري عند الحدود مع السعودية والذهاب في تهديد العمق السعودي من خلال الصواريخ والطائرات المسيرة. وفي الوقت نفسه ترزح السعودية تحت تكاليف الحرب الدائرة في اليمن وسط تراجع اسعار النفط بسبب الركود الاقتصادي العالمي نتيجة جائحة كورونا. وبالتالي، فإن تخلي الحوثيين عن سلاحهم والذهاب الآن الى حكومة وحدة وطنية يبقى حلاً غير واقعي في هذه المرحلة. فالمشهد في حاجة الى تسوية اكبر مفتاحها في يد واشنطن وطهران. وعند زيارته قصر بعبدا اشار السفير السعودي وليد البخاري بوضوح الى هذه النقطة. يومها، تم تسويق الزيارة اعلامياً بسطحية وسخافة.

– المستوى الثاني، وهو يتعلق بملف المفاوضات الاميركية ـ الايرانية والتعقيدات الخطرة التي ترميها اسرائيل. ذلك أنّ ثمة حرباً سرية عنيفة تدور رحاها بين اسرائيل وايران على وقع المفاوضات الدائرة. الحرب البحرية بدأت في العام 2018، وقد غَضّت ايران النظر مرات عدة عن العمليات الاسرائيلية. لكن اسرائيل التي تريد رفع مستوى الحرب السرية مع ايران، عمدت أخيراً الى تبنّي عملياتها اعلامياً كانت تريد بذلك احراج السلطة الايرانية لدفعها الى الانخراط في سياق الفعل ورد الفعل، وطبعاً الهدف الفعلي هو مَنح الايرانيين، المتشددين والرافضين أي قيود او اتفاقات خارجية على البرنامج النووي، دفعاً قوياً لموقفهم ما سيجعل السلطة الايرانية اكثر تردداً وحذراً في تقديم اي تنازلات تفاوضية. والواضح ان هجوم «نطنز» والاعلان عنه بهذه الطريقة انما يهدف الى ذلك.

إنّ المخاطر الكبيرة التي تحوط بالمفاوضات الاميركية ـ الايرانية تدفع بالطرفين الى التركيز الكامل على كل مساحة التفاوض والابقاء على كل الاوراق في اليد وعدم التساهل في اي منها. وهو ما يعني رفع مستوى الحذر الايراني وصولاً الى حلفائه و»حزب الله» على رأسهم في لبنان والتنبّه لإسرائيل، وفي المقابل انشغال اميركي كامل يبعد واشنطن مؤقتاً عن الساحة اللبنانية. لذلك مثلاً كانت زيارة هيل الوداعية زيارة استطلاع وليست ابدا زيارة مهمة، لكن رسائلها تبقى معبرة رغم انها لا تحمل طابعاً تنفيذياً. ولذلك ايضا يُحاذر «حزب الله» الاقتراب من الملف الحكومي، وهو يترك الهامش واسعاً امام حليفه «التيار الوطني الحر».

ولذلك ايضا يعمل الرئيس المكلف سعد الحريري على ملء الوقت الضائع بلقاءاته الخارجية، ما يؤدي الى تعزيز اوراقه الخارجية في وقت تعيش السلطة في لبنان حصاراً خارجياً. وهو طلب موعدا لزيارة بغداد ما سيعني توجيه ضربة قاسية الى عون ودياب في حال تحديد موعد له. ولأجل ذلك يتمسّك رئيس الجمهورية بالسقف الشاهق الذي رسمه، على اعتبار انه يمكن حجز مقعد له ولوريثه السياسي جبران باسيل في حال اختلطت الامور اكثر. الواضح انه يحمل مطلباً واحداً اساسياً وهو اعادة الحياة سياسياً الى باسيل.
لكن ثمة اخطاء إعلامية متعددة يرتكبها ما جعل صورته في المرحلة الاخيرة اقرب الى طرف سياسي منه الى رئيس للجمهورية.


المصدر:
الجمهورية