كتب طوني عيسى في ” الجمهورية“: إدارة بايدن متعبة في الشرق الأوسط، فيما هي تضع نُصْب العينين استحقاقاتها العالية المستوى في مواجهة العملاق الصيني الصاعد، والذي يدكّ الأسوار في آسيا وأفريقيا. كما القيصر الروسي فلاديمير بوتين التي بادر إلى فتح المعارك الساخنة في الخاصرة الأوكرانية الضعيفة، وعلى أبواب الحلفاء في أوروبا الغربية.
كثيرون يعتقدون أنّ هذا «التعب» الأميركي في الشرق الأوسط سيقود إلى سلسلة من التنازلات والانسحابات. وفي الخضم، يسأل البعض: ماذا عن لبنان؟ هل سيتركه الأميركيون لمصيره ضمن «تخريجة» يتوصلون إليها مع الإيرانيين، أم سيدافعون عنه، لأنّ له موقعه المميّز في الاستراتيجية الأميركية؟
منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض، فَتَح خط اتصال مع حلفاء واشنطن الأوروبيين، ولاسيما فرنسا، حول لبنان. وبدورها فرنسا عمِلت على إنعاش الحضور العربي في لبنان (السعودي والمصري خصوصاً)، بهدف خلق مروحة أميركية- أوروبية- عربية تتولّى صيانة الوضع اللبناني ومنعه من الانزلاق أكثر نحو الهاوية.
تريد واشنطن من الأوروبيين والعرب أن يعملوا في لبنان تحت سقفها، أي منع إيران من الإمساك بالقرار. لكن إيران تشكّل تحدّياً للأميركيين يتجاوز حدود الساحة اللبنانية. فقد صعَّدت في الملف النووي، وقلَّصت خسائرها الناتجة من الحصار، وتتباهى في قدرتها على تحريك حلفائها في الشرق الأوسط بلا ضوابط، وأبرزهم «حزب الله».
ويبدو بايدن كأنّه، على خطى ترامب، يريد الحفاظ على خيط رفيع في لبنان: الضغط على منظومة السلطة في محاولة لإجبار «الحزب» على التنازل، ولكن، تجنُّب الوصول إلى انهيار لبنان وسقوطه. فالفكرة السائدة هي أنّ إيران هي القوة الأرجح للإمساك بالوضع حينذاك، وبصورة مطلقة.
هنا تكمن المشكلة: الأميركيون مُتعَبون ويوزعون انشغالاتهم على ملفات عديدة في الشرق الأوسط والعالم، والأوروبيون والعرب عاجزون عن مخالفة واشنطن وإنعاش لبنان «على عجل» و»كيفما كان». وفي هذه الحال، ستكون النيّات الطيبة موجودة، لكنها لن تكفي لإبقاء لبنان على قيد الحياة.
لبنان يترنّح اليوم، متأرجحاً بين الموت والحياة، مستسلماً للأطباء الذين يريدون فعلاً أن يمنعوا وصوله إلى الموت. لكن تضارب المصالح وزحمة الأيدي وتناقض الطروحات تَحرُم المريض من الرعاية السليمة. وفي هذه الحال، سيكون لبنان أمام خطر الموت، لا بالقتل عمداً بل نتيجة للإهمال أو للخطأ الطِبّي.