فوضى المرسوم البحري على الطريق نحو بعبدا

17 أبريل 2021
فوضى المرسوم البحري على الطريق نحو بعبدا

كتبت هيام قصيفي في ” الاخبار”:

 

هناك أكثر من طرف أصيب في ما أسفرت عنه الأيام الأخيرة، وأوّلها قائد الجيش. في المبدأ، هو يخضع للسلطة السياسية في أي قضية سيادية، وأيّ قرار نهائي يفترض أن يكون صادراً عنها، علماً بأن المسار الذي سلكه الجيش لم يكن منفصلاً عن التنسيق مع السلطات السياسية والقوى المعنية من دون استثناء. هناك اعتباران: شخصي وسياسي في ما نتج من وقف العمل بالملف التقني الذي أعدّ أخيراً. فوقف المرسوم قد يترك خيبة أمل لدى الفريق اللبناني الذي يشهد له بالجهد والاحترافية، ولا سيما «في إبراز حق لبنان بثروته الدفينة في المساحات التي عمل عليها، أمام الرأي العام اللبناني»، وهو كان يطمح الى تحقيق إنجاز عملاني، من خلال عمل تقني بحت، والعبرة اليوم في إعطاء دفع جديد له في مفاوضاته المقبلة، فلا يتمّ التخلّي عنه مجدداً. أما سياسياً، فلا شك أن اندفاعة قائد الجيش لم تترك صدى مريحاً، بل إن تسليط الضوء عليه أثار نقزة «رئاسية» للمرة الثانية بعد المؤتمر الصحافي حول أوضاع العسكر، ما استدعى إعادة تقليص المساحة المعطاة له تحت غطاء السلطة السياسية.

 

وأكثر من طرف استفاد من البلبلة التي حصلت. فالقوات اللبنانية بلسان النائب جورج عدوان دخلت على خط الدفع في اتجاه توقيع رئيس الجمهورية المرسوم. فظهرت القوات حريصة على التوقيع، بقدر حرصها على إحراج القوى الأخرى، وتبيان أن هناك طرفاً يتخلى عن السيادة البحرية الكاملة، في رسالة مزدوجة محلية وخارجية تحمل أيضاً إشارات رئاسية.

 

ويبقى الاعتبار الأهم هو المتعلق بالرئيس نبيه بري وحزب الله. بري، ومعه الرئيس المكلّف، لم يكن متحمساً للمرسوم، وما أراده من وقفه هو نفسه الذي أراده عون وباسيل، والاعتباران يصبّان في خدمة تحسين العلاقة مع واشنطن. لكن السؤال عن موقف حزب الله، لأن مسار التفاوض وتشكيل الوفد منذ أن بدأ كان تحت عيون الحزب، وتغيير مسار التفاوض حول المساحة الجديدة كان أيضاً بعلم منه، إلى درجة اتهامه بأنه كان وراء الدفع بخلق مشكلة بحرية جديدة توازي مشكلة مزارع شبعا. وكذلك فإن عملية الضغط على حليفه وحليف بري تيار المردة، وصلت شظاياها إليه. فإلى أيّ مدى يمكن للحزب أن يغضّ الطرف عن التداعيات السياسية لهذا التطور الجديد، وكيف سيبرّر تغطيته لعدم توقيع المرسوم، والتخلّي عن السيادة البحرية بعد أسابيع من الاحتفاء بها، فيما تحوّل العنوان الكبير من المطالبة بمساحة بحرية الى مجموعة من آراء وخطوات مبعثرة كالتمسك بخبراء دوليين، ورسائل الى الأمم المتحدة واليونان وغيرها؟ وكيف سيبرّر كل هذه الهمروجة السيادية التي انتهت ببساطة على طريق قصر بعبدا؟

 


المصدر:
الاخبار