قراءة موضوعية لزيارة ديفيد هيل

17 أبريل 2021
قراءة موضوعية لزيارة ديفيد هيل

كتب السفير مسعود المعلوف في”الجمهورية“: لا شك في أن زيارة هيل للبنان في هذا الوقت بالذات، ومع الإنشغال الأميركي بشتى الأمور الكبرى، تظهر اهتمام الإدارة الأميركية ببلدنا، ورغبتها في مساعدة الشعب اللبناني على الخروج من هذه الضائقة، ومهما كان لدى البعض من انتقادات للمواقف الأميركية، ومهما قيل من أن الولايات المتحدة تسعى الى تجويع اللبنانيين وتركيع لبنان كرمى لإسرائيل، فإن الولايات المتحدة تعرف جيدا أن لبنان لا يشكل خطرا على إسرائيل، وأن لا مصلحة لها في وجود أزمات جديدة على الحدود الشمالية لحليفتها الأولى في المنطقة، بل إن لبنان المعافى المستقر يشكل ضمانا للأمن في المنطقة بكاملها.

 

فزيارة هيل للبنان كما أكدها بنفسه في أكثر من تصريح أدلى به أثناء الزيارة، هي لتأكيد وقوف الولايات المتحدة الى جانب الشعب اللبناني، وتطمينه الى أنه ليس متروكا بل هنالك اهتمام دولي لمساعدته، وتعتبرالزيارة أيضا دعما للمبادرة الفرنسية، وفيها دعم معنوي لحلفاء الولايات المتحدة في لبنان في مواجهة المحور المؤيد لإيران، ولكن هل للولايات المتحدة إمكانية في تغيير أو تحريك الأمور على الأرض؟ وهل لديها الوسائل الكافية لتحقيق الأهداف المعلنة لزيارة مبعوثها إلى لبنان خصوصا لجهة تشكيل الحكومة وتحقيق الإصلاحات وفي طليعتها مكافحة الفساد بجدية؟

 

هنالك اعتبارات يركز عليها بعض الأفرقاء اللبنانيين لإثارة شكوك حول إمكانية نجاح مهمة هيل وفق ما حددتها وزارة الخارجية الأميركية، وهذه الإعتبارات يمكن اختصارها بالآتي:

ـ أولاً، إن هيل هو مبعوث لوزير الخارجية أنطوني بلينكن وليس مبعوثا رئاسيا، كما أنه الثالث في التراتبية الإدارية في وزارة الخارجية الأميركية، وستنتهي وظيفته بعد اسابيع قليلة، ولذلك فهم يعتبرون أنه لا يملك السلطة أو النفوذ لممارسة الضغوط على المسؤولين اللبنانيين.

لا بد هنا من التوضيح أن الإدارة الأميركية يمكنها اختيار من تشاء لتكليفه مهمة خارج البلاد، وهو بالتالي يمثل الإدارة الأميركية ويتكلم باسمها، مهما كانت رتبته أو وظيفته.

ـ ثانيا، هل سيستطيع مندوب أميركي مبعوث لوزير الخارجية أن ينجح في إقناع المسؤولين اللبنانيين في التفاهم على تشكيل حكومة تكون موضع ثقة دولية وتستطيع مكافحة الفساد، في الوقت الذي فشل الرئيس الفرنسي بنفسه بعد زيارتين للبنان واتصالات ولقاءات عدة مع المسؤولين اللبنانيين والقادة السياسيين الكبار؟

ـ ثالثا، هل سيوافق «حزب الله» على تليين موقفه من تشكيل الحكومة إكراما لزيارة مندوب أميركي للبنان أنهاها بانتقادات لاذعة له، وبتهديدات مبطنة للمعرقلين وجوائز ترضية للمسهّلين لعملية التشكيل؟

 

قد يكون من المفيد الإشارة الى احتمال وجود علاقة ما بين زيارة هيل للبنان واجتماعات فيينا الدائرة حاليا في شأن الإتفاقية النووية نظرا لتزامن هذين الحدثين، إذ في حال وافق الحزب على تسهيل ولادة الحكومة بناء على نصائح إيرانية، قد تقوم الولايات المتحدة بتليين موقفها مع إيران، أو في حال تشدد الوفد الأميركي في موقفه، يكون موقف الحزب أكثر تصلبا، ويبقى مصير لبنان بالتالي معلقا في انتظار ما تؤول إليه تجاذبات الدول الكبرى.

 

أخيرا، إذا كانت مهمة هيل صعبة في تحقيق أهدافها، فإنه قد يستطيع تسجيل نجاح نسبي في موضوع إعادة التفاوض لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، علما أن هذا الموضوع لم يكن أصلا من مهمته المعلنة، وقد أشار إليه في تصريحه من قصر بعبدا بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون حيث أكد استعداد الولايات المتحدة لتسهيل هذه المفاوضات.