ها قد ظهر الى الملء ما كنا نحذّر منه ونلفت إليه وندعو لمعالجته، وأول ما يمكن فعله اليوم قبل الغد إقرار استقلالية القضاء قولا وفعلا، نصّا وروحاً وتطبيقاً. فالمشهد المؤسف الذي خبره أمس اللبنانيون على أسوار ما تبقى من سلطة القضاء يدفعنا الى إعلاء الصوت الى جانب كل حريص على منع انهيار كل السلطات ووقف تقويض مؤسسات الدولة.
إن ما جرى بالأمس من قبل النائب العام الاستئنافي المستقلة عن القضاء التابعة لما يفصّله مستشار الفتاوي الدستورية من بدع واستنسابية وملاحقات عشوائية، لهو عراضة مهينة جرت على مرأى من اللبنانيين، وكأنما هي إعلان لفدرالية جديدة في القضاء.
إن مفوضية العدل والتشريع في الحزب التقدمي الاشتراكي تحذر من المساس بالملاذ الأخير للمواطن اللبناني وحقه في إعادة بناء دولة المؤسسات، وفي مقدمها السلطة القضائية، وتحذر من ترك ما جرى بالأمس يمر دون رادع حازم يمنع انقسام الجسم القضائي وتكريس التبعية السياسية عليه وإلغاء دور مجلس القضاء الأعلى بعد أن أصر البعض على رد التشكيلات القضائية التي قررها هذا المجلس، فهذا ينذر بنية واضحة لشرذمة الجسم القضائي وتحويل الدولة الى نظام بوليسي تضمحل فيه العدالة.
كل ذلك يستدعي تدخلاً سريعاً لمجلس القضاء الأعلى لوضع الأمور في نصابها عبر ضغطه لإقرار التشكيلات القضائية وتفعيل دور التفتيش القضائي لتنقية الجسم القضائي ووضع حد لكافة التجاوزات وكسر الحلقة السياسية المسيطرة والمستبدة بالقضاء وبأحكامه والعمل على تسريع إقرار قانون استقلالية القضاء.