وتابع: “لا نستطيع بأي شكل من الأشكال قبول ممارسة الجماعة السياسية وبخاصة المقامين في السلطة، أعني خيارهم سلوك درب الإنهيار، مكابرتهم على قبول الحلول المتوافرة، إقفالهم كل باب يأتي منه الخير والمساعدات للشعب وللبنان، أكان من الدول المانحة، أم من صندوق الدعم الدولي، أم من الدول العربية الشقيقة، وبالمقابل إبقاءهم معابر الهدر والتهريب على الحدود الشمالية والشرقية مفتوحة على مصراعيها. العالم ينتظر أن تؤلف حكومة ليتخذ المبادرات الإيجابية تجاه لبنان. ما من موفد عربي أو دولي إلا ويردد هذا الكلام. جميعهم يتوسلون المسؤولين عندنا أن يضعوا خلافاتهم ومصالحهم وطموحاتهم الشخصية جانبا، وأن ينكبوا على إنقاذ البلاد. ما لم تتألف حكومة اختصاصيين غير حزبيين لا هيمنة فيها لأي طرف، عبثا تتحدثون، أيها المسؤولون، عن إنقاذ، وإصلاح، ومكافحة فساد، وتدقيق جنائي، واستراتيجية دفاعية، ومصالحة وطنية. إن معيار جدية المطالبة بكل هذه المواضيع هو بتأليف الحكومة. فلا تلهوا المواطنين بشؤون أخرى، وهم باتوا يميزون الحق من الباطل”.
وأضاف: “لكي تكون الحكومة الجديدة فاعلة وقادرة على إجراء إصلاحات وشد عرى الوحدة الوطنية استبعدت حكومة من كتل نيابية، لئلا تكون مجلسا نيابيا مصغرا تتعطل فيها المحاسبة والمساءلة. واستبعدت حكومة حزبية، منعا لخلافات داخلية تعطل عملها. وكان الإتفاق أن تكون حكومة من إختصاصيين ذوي خبرة في شؤون الدولة وفي مختلف حقول الحياة، ومجلين في أخلاقيتهم ونتاجهم. فإذا بنا نسمع اليوم بحكومة من وزراء طائفيين ومذهبيين يعينهم السياسيون. في دستورنا، لبنان دولة مدنية، طوائفها تنتمي إلى ربها. وميثاقنا الوطني يقتصر على الشراكة الوطنية في إطار المناصفة والمساواة. ليس لبنان بحكم هويته دولة دينية وطائفية ومذهبية، بل الإنتماء إليه هو إنتماء بالمواطنة لا بالدين. نريد حكومة واحدة لكل اللبنانيين وللبنان واحد، لا مجموعة حكومات في حكومة، لكل طائفة حكومتها داخل الحكومة، منعا لنزاعات طائفية ومذهبية يرفضها عيشنا المشترك الذي يميز لبنان عن سواه من الدول المحيطة”.
وختم الراعي: “نأمل ان نتعظ من جائحة كورونا التي إجتاحت الكرة الأرضية بكاملها، من دون سلاح وجيوش وأموال، وركعت الجميع بدءا من الكبار، فتؤول بنا جميعا إلى وقفة وجدانية مع الذات ومع الله، لكي يدرك كل واحد منا هشاشة الحياة، ويبدل مجرى حياته، ويوجهه إلى الخير والحق والجمال”.