رمضان الفيحاء عبق من الماضي والحاضر 7/30

19 أبريل 2021آخر تحديث :
رمضان الفيحاء عبق من الماضي والحاضر 7/30

في طرابلس يختلف الناس في عاداتهم وسلوكهم البشري خلال الشهر الكريم. 
ففي النهار تتوزع الهمة بين العمل اليومي المعتاد وبين مساع يبذلها كل من جهته لسد حاجات الناس فتنشط المجتمعات في سعيها الخيري الذي اتخذ في تاريخ المدينة شكلا مختلفا إذ أن عمل الخير كان عادة البلد وأصلها.

وينقل الدكتور محمد علي ضناوي في كتابه “أكرم عويضة قضايا ومواقف معالم مدينة في القرن العشرين” عن الحاج أكرم سردا لواقع حال طرابلس ومظاهر الحياة الاجتماعية إذ يتذكر ” سير المآدب التي كانت تقام للفقراء والمساكين بحيث تتناوب العائلات يوميا كل منها في منزلها لاستضافة العشرات من الصائمين وكا نت تخيم على أزقة المدينة واحيائها أجواء البهجة والسرور فترى الناس منتشية في صومها وصلاتها وعلاقاتها وأحاديثها … ليضيف قائلا: “وكنا بعد العشاء ننتشر في شوارع المدينة المضاءة حيث تبقى المتاجر مفتوحة طوال الليل.. ونذكر إننا في آخر ليلة من رمضان نشتري الطرابيش كي تبقى مكوية ومتالقة حتى نلبسها”.

ويتحدث الحاج أكرم كيف أن “متاجر طرابلس كانت تعمل طوال الليل لتفعيل الألبسة والقمصان والأحذية وكان الإقبال شديدا والناس في بحبوحة عيش ولا تغلق المتاجر أبوابها في العشر الأخير .. وأسواق طرابلس في عيد دائم .. وسهراتنا عبارة عن سياحة ممتعة في شوارع طرابلس القديمة ومقاهيها ومسرح الحكواتي في خان الصابون وفي قهوة الرمانة وفي سوق البازركان حيث يقص الراوي سيرة عنترة والمهلهل والزير سالم  وغيرهم “.

ثم إنه، وعلى الرغم من تداخل المفاهيم وكثرتها وازدياد انواع الوسائل المختلفة من تلفاز وأجهزة كومبيوتر إلا أن بعض العادات القديمة لا تزال حاضرة ولو كأنها غريبة في حين أنها كانت الأصل والأساس، ولكن الأزمنة هي التي تطبع الناس بثقافاتها ووسائلها. 


وقد تحولت المسلسلات الرمضانية  مع نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي إلى واحدة من عادات الشهر الكريم حيث اشتهرت مسلسلات عدة في الاعوام المتعاقبة في نمط توخى من خلاله اصحابه الربح التجاري مستفيدين من طفرة المرئي وازدحام الشاشات العربية والمحلية. وقد خصص المنتجون أعمالهم الضخمة للموسم الرمضاني ليقدموا مع أسماء لامعة في عالم التمثيل أعمالا منها ما يقدم على أجزاء ومنها ما يقفل ستارته على قصته والسيناريو مع نهاية الموسم المعني . على أن طفرة الفضائيات الأولى في الثمانينات قدمت مسلسلات ذات طابع ديني وقصص الانبياء لتستغني عن ذلك بناء على توجه الإحصاءات و “المشاهد عايز كدة”.

ولا ريب في أن المستقبل سيسجل لهذه الظاهرة، أي ظاهرة المسلسلات، حضورها خلال الشهر الكريم ولو حل الاختلاف والخلاف في تقييمها ونقدها فنيا وعلى مستوى تأثيرها الاجتماعي.

 

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.