بدا واضحا من مجريات احداث الايام الماضية ان قضية القاضية غادة عون ابعد من مجرد “تمرد” قضائي بل هي جزء من الكباش السياسي في البلد، ومن واقع القضاء المؤلم لالف سبب وسبب، حتى بات البعض يتندر على شعار “العدل اساس الملك” ناصحا باستبداله بشعار “السياسة اساس العدل“.
وبدا ايضا من مشهدية قصر العدل امس ان القضاء، الذي بقي في عز الحرب “بمنأى” عن الانقسام الطائفي، انزلق في المحظور، بقرار سياسي مسبق او بقلة ادراك لخطورة زج القضاء لهذا الشكل الفاضح في الحسابات السياسية، وبتحويل بعض القضاة الى ” ابطال ثورة” عجز عنها اهل الاصلاح والتغيير ووجدوا في “العون” القضائي ذراعا لضرب الخصوم السياسيين و”اهل البيت القضائي” معا.
وهكذا وقعت القاضية عون في المحظور وحولت نفسها في نظر البعض الى ” مذنبة” تضرب صورة القضاء من الداخل وتهشّم صورة المؤسسات اللبنانية التي لا تزال ” تناضل“.
وفي رأي مرجع مطلع “ان القضاء اضيف الى سجل “المؤسسات المنقسمة والمهشّمة صورة واداء”، والخوف ان تكون المؤسسات الامنية هي الهدف التالي، من بوابة ” ان لكل قاض “ذراعه الامنية” وصولا الى الانقسام الامني الاعمق والاخطر“.
وتتجه الانظار اليوم الى اجتماع مجلس القضاء الاعلى، بحضور القاضية غادة عون، لمعرفة الاتجاه الذي سيسلكه هدا الملف في ظل احتمالين هما :
اولا: ان تتم احالة عون الى التفتيش القضائي واتخاذ قرار يقضي بكف يدها عن الملف المالي حتى انتهاء التحقيق معها.
الثاني: استخدام المادة 95 من القانون العدلي لفصل القاضية عون نهائيا ، ولكن بناء لتوصية بالاجماع من التفتيش القضائي، وهذا متعذر، كما ان اتخاذ مجلس القضاء الاعلى قرارا بهذا الصدد يحتاج بظل واقع المجلس الحالي ، بعد شغور عضوين بداخله الى اجماع الاصوات الثمانية المتوافرة وهذا مستحيل ايضا بالنظر الى الفرز السياسي داخل المجلس.
يبقى الاحتمال الاول هو الاكثر ترجيحا، ولكن دونه عقبات ومفاجأت ابرزها ما نقل عن القاضية عون نفسها امس من انها مستمرة في عملها وترفض تسليم الملف المالي وانها ستحمل معها الى الاجتماع دعاوى قضائية بالجملة ضد “رئيسها المفترض قانونا” القاضي غسان عويدات.
وسط كل هذه المعمعة كان لافتا ما قالته مصادر قصر بعبدا لـ” لبنان 24” ليل امس من” ان رئيس الجمهورية ميشال عون، وان كان يؤيد الخطوط العامة لتحركات القاضية عون، لكنه ليس متحمساً للمبالغة التي تحصل في حركتها وخصوصا خلال الايام الاخيرة“.
الا ان مصادر مطلعة ترد “بأن هذا الكلام يجافي الحقيقة وما يُنقل عن القاضية عون نفسها ، كلما راجعها احد في اي ملف تطرحه ،” عندي feu vert من فوق”.