قمة الاثارة كانت، أنه لم يسبق في تاريخ لبنان أن إنقسم القضاء بهذا الشكل الذي من شأنه أن يطيح بهيكل العدالة بكامله، خصوصا بعدما إستعان كل فريق قضائي بشارع تحرك دفاعا عنه أو تضامنا معه وللضغط على الفريق الآخر، وكادت الأمور أن تتفلت باشتباكات بين الطرفين النقيضين منذرة بفتنة كبرى على صعيد الوطن لولا تدخل الجيش اللبناني وفرقة مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي، وقبل أن يأتي الأمر الحزبي بانسحاب الداعمين للقاضية عون من الشارع بغلطة إرتكبها أحد المناصرين على الهواء مباشرة.
هذه الغلطة البرتقالية كانت بألف، وكشفت لـ “المشاهدين” دور التيار الوطني الحر في هذا “التمرد”، حيث بدا أنه يستخدم القاضية منذ البداية في فتح ملفات للعديد من الخصوم وتسريبها للاعلام ليس للسير بها نحو قوس المحكمة لاصدار الحكم فيها، بل بهدف الاستهداف السياسي وتشويه السمعة، حيث تشير المعطيات الى أن أكثر من عشر ملفات تم فتحها خلال الفترة الماضية لعدد من الخصوم لم يصل أي منها الى نهايته فيما تم غض النظر عن كثير من الملفات تخص أشخاصا وجهات على علاقة بالتيار البرتقالي.
كما بدا واضحا أن التيار هو من يحرك القاضية “الخارقة” للنيل من مؤسسة القضاء بإعتبار أن من يتولى سدة السلطة فيها غير محسوبين عليه ولا يقومون بتلبية رغبات القاضية عون في الملفات التي يتهمها متابعون بأنها “تعمل على فتحها سياسيا وليس قضائيا”.
وتبين أيضا أن التيار البرتقالي حشد أنصاره لدعم موقف القاضية غادة عون قبل أن يقرر سحبهم بأوامر كشف عنها أحد المناصرين على الهواء مباشرة، في وقت إجتمعت فيه السلطة القضائية العليا على مدار ست ساعات أمس وقررت إستدعاء عون للاستماع إليها اليوم الثلاثاء، حيث من المفترض أن تحضر متحصنة بأمور ثلاث، الأول الحشد الشعبي الذي سيرافقها الى قصر عدل بيروت، والثاني دعم رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، والثالث بحسب المعلومات أنها ستتقدم بدعوى قضائية ضد المدعي العام التمييز غسان عويدات بتهمة إتخاذ قرارات غير قانونية بحقها.
لكن في نهاية المطاف، فإن ما جرى وضع مؤسسة القضاء برمتها على المحك، ولم يعد ينفع معه أية تسويات، خصوصا أن القاضية عون تمردت على قرارات السلطة القضائية وساهمت في شق صفها، وتسببت في تشويه متعمد وغير مسبوق لصورة القضاء اللبناني الذي إما أن يتخذ القرارات الصارمة والحازمة بحق القاضية عون بكف يدها، أو أن يمنحها مع فريقها السياسي إنتصارا على جثته.
اللافت، أن التيار الوطني الحر لم يكتف بفتنة شق االقضاء، بل حاول إشعال فتنة ثانية في طرابلس من خلال تسلل أحد المستفيدين من وزارة الطاقة ومن التيار الى بعض المناطق وإغراء عدد من الفتيان بالمال لرفع يافطات مؤيدة للقاضية غادة عون، الأمر الذي إعتبره البعض “محاولة يائسة لدخول برتقالي الى طرابلس وإظهار شعبية له فيها”، ما أثار إستياء وغضب أبناء المدينة فسارعوا الى إزالة اليافطات.
وبإنتظار أحداث الحلقة الرابعة اليوم من مسلسل “التمرد”، فإن الأنظار ستتوجه الى قصر عدل بيروت لمعرفة نتائج جلسة الاستماع الى القاضية عون، وما يمكن أن يرافقها من تطورات!.