قطر “تفكّ عزلة” دياب.. هل تؤسِّس لـ”خرق” في المشهد؟

20 أبريل 2021
قطر “تفكّ عزلة” دياب.. هل تؤسِّس لـ”خرق” في المشهد؟

تكتسب زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب إلى قطر أهمّية، على الأقلّ بالنسبة للرجل، الذي لم يغادر السراي منذ رئاسة الحكومة إلا مرّة واحدة، عندما رافق رئيس الجمهورية ميشال عون في “زيارة العزاء” إلى الكويت لتقديم واجب العزاء بأميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

 

وتعتبَر زيارة دياب إلى قطر مهمّة أيضًا، بالنسبة إليه، كونها أتت بمثابة “بدل عن ضائع”، بعد إرجاء، أو بالأحرى إلغاء، زيارته التي كانت مُجدوَلة إلى العراق في اللحظة الأخيرة، لأسبابٍ قيل إنّها لوجستية وإدارية ربطًا ببعض الاستحقاقات العراقية الخاصة، لكنّها صُنِّفت عمومًا على أنّها سياسيّة في المقام الأول.

 

إلا أنّ للزيارة دلالاتها السياسيّة أيضًا، خصوصًا أنّها تأتي في وقت تستمرّ سياسة “القطيعة” العربية عمومًا، والخليجية خصوصًا، للبنان، انطلاقًا من التجارب “المَريرة”، ولكن أيضًا من اعتقادٍ راسخ بأنّ الكرة في ملعب اللبنانيين أنفسهم، الذين يبقى على عاتقهم أن “يعيدوا الثقة” الدولية بهم، وهو ما يكرّره أصدقاء وأشقاء لبنان، في كلّ المناسبات.

 

هامش خاص لقطر؟

انطلاقًا من ذلك، ثمّة من أعطى زيارة دياب لقطر أهمية “استثنائيّة”، فهي لا تُعتبَر كسرًا لـ”عزلة” دياب بشخصه، وإنّما كسرًا لـ”القطيعة” الخليجية الشاملة للبنان، خصوصًا أنّها تأتي بعد المصالحة الخليجيّة التي تمّت في الأشهر الماضية، وعادت قطر بموجبها إلى حضن مجلس التعاون الخليجي، من موقع “الشراكة الكاملة” مع المملكة العربية السعودية.

 

لكن، هناك من يفصل أيضًا بين الأمرين، باعتبار أنّ لقطر “هامشًا خاصًا” كانت ولا تزال تتمتّع به، ليس منذ ما قبل المصالحة الخليجية فحسب، ولكن حتى منذ ما قبل تأزّم العلاقات، علمًا أنّها لا تزال تحتفظ بعلاقات “مَرِنة” مع العديد من الجهات والدول، على غرار تركيا وحتى إيران، التي سبق لقطر أن أعلنت استعدادها لـ”التوسّط” بينها وبين الدول الخليجية، علمًا أنّ تقارير صحافية تتحدّث عن انخراط العراق في هذه المهمّة.

 

وبناءً عليه، ثمّة من يضع هذه الزيارة في إطار “الخصوصيّة القطريّة” التي كانت قد بدأت بزيارة وزير الخارجية القطري محمد عبد الرحمن مطلع شهر شباط الماضي إلى بيروت، قبل أن تستقبل الدوحة رئيس الحكومة المكلَّف سعد الحريري، في زيارةٍ أثيرت تكهّنات على هامشها حول مبادرة قطرية جديدة، أو مكمّلة للجهود الفرنسيّة، إلا أنّها لم تترجَم على أرض الواقع، سوى بدعوات قطرية متكررة لتغليب المصلحة الوطنية.

 

لا توقّعات أو آمال!

وعلى المنوال نفسه، لا يبدو أنّ ما سيرشح عن زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى قطر سيكون مختلفًا، بعيدًا عن “استعراض المستجدات على الساحتين اللبنانية والدولية، وبحث سبُل تعزيز التعاون بين بيروت والدوحة”، وفق البيانات الرسمية التي صدرت بعيد لقاءاته مع المسؤولين القطريّين، الذين يتمسّكون بمبدأ أنّ تشكيل الحكومة “شأن لبناني داخليّ”، معطوفًا على ثابتة أنّ قطر على “علاقة جيّدة” مع جميع الفرقاء.

 

ولهذه الأسباب، لا يبدو أنّ هناك توقّعات كبيرة أو “رهانات” منصبّة على زيارة دياب، علمًا أنّ هناك من يرى في الزيارة “جائزة ترضية” لرئيس حكومة تصريف الأعمال، لا أكثر ولا أقلّ، فالدوحة تدرك أنّ طرح أيّ مبادرة، لو توافرت مقوّماتها، لا يكون مع دياب، ولو أنّ الأخير استطاع أن “يرطّب” علاقته بمختلف الفرقاء، لدرجة طرح نفسه في مرحلة من المراحل “وسيطًا” بين مختلف أطراف الأزمة، بعدما كاد يعلن “اعتزال” العمل السياسيّ سابقًا.

 

أما السبب الأهمّ، فأنّ قطر ليست في وارد الخروج عن الإجماع العربيّ والدوليّ حول طريقة مقاربة الأزمة اللبنانيّة، ما يعني أنّ دعمها لا يمكن أن يتجاوز الاعتبارات النفسيّة والكلاميّة، حتى “يساعد اللبنانيون أنفسهم أولاً”، وإلا لكانت دعت لـ”مؤتمر دوحة” جديد، وهي فكرة يقول العارفون إنّها لم تَغِب عن فكر الدوحة خلال الفترة الماضية، بيْد أنّها لم تجد “البيئة” المناسبة لها، والتي تسمح بإنجاحها.

 

قد يكون لافتًا أنّ الحديث عن “مبادرات” دوليّة تبحث عن “بوابة” لإيجاد الحلّ، من فرنسا إلى روسيا مرورًا بقطر، يتزامن مع “التهاء” اللبنانيين بإشكالات لا تنتهي باتت أقرب إلى “المسرحيات الهزليّة”، كالتي تصدّرتها القاضية غادة عون في اليومين الماضيين. فإن دلّ هذا الأمر على شيء، فهو على أنّ “عين” الدول على لبنان، خوفًا على مصلحته، فيما “عينه” هو لا تزال على المناصب والحصص وما لفّ لفّها!