إنّ المهزلة التي شهدناها في الآونة الأخيرة خذلت المواطنين وضربت ثقتهم بالجسم القضائي الذي يشكّل الأمل الأخير للمحاسبة واسترجاع حقوقهم. فالعدل والاستنسابية متضادان لا يتفقان ولا يلتقيان.
والانقسام الحاد الذي تجلّى داخل الجسم القضائي، ولاسيّما في النيابة العامة، ظهّر انعدام الاستقلالية والعدل، لا بل أثبت تسييس القضاء بارتباط بعض القضاة بالأحزاب السياسيّة المرتهنة. فأين العدل في ظلّ هذا الواقع القضائي الميليشيوي؟ أين العدل في غياب قانون استقلاليّة القضاء، وأين العدل في مناصرين انتقلوا من خوض المعارك بين الأحزاب السلطويّة إلى خوض معارك القضاة التابعين لها؟
إنّ المؤكّد أنّ لا شيء يردّ الاعتبار ﻷهم ركن في بناء دولة القانون سوى إقرار استقلاليّة السلطة القضائيّة.
ولأنّ الشيء بالشيء يُذكر، فالوقاحة وصلت بأركان المنظومة إلى حدّ اعترافهم العلني بجرائمهم، وتحديداً بتنظيمهم عمليّات التهريب عبر الحدود لخدمة أجنداتهم ومصالحهم الضيّقة. وليس اعتراف الشيخ صادق النابلسي المحسوب على “حزب الله”، إلا الدليل القاطع بأنّ منظومة الفساد والسلاح لن تقف عند أيّ حدود، وستستمرّ في أعمالها الممنهجة لكسر هيبة الدولة وما تَبقّى منها.
هذه المنظومة هي نفسها التي تخلّت عن حقوقنا في مياهنا البحريّة، وتنازلت عنها لصالح دولٍ “صديقة” وأخرى عدوّة، فباتت هي الاحتلال الداخلي، والعدو الأوّل والأخير للشعب اللبناني ومصالحه.
إننا في حالة حرب مع من استباح دولتنا وقتل شعبنا، لذا فإنّنا نعمل بكل الطرق السلميّة المتاحة لاستعادة حقنا من بائعي الوطن.