كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: ولكن، بمعزل عن وجود أموال له في المصارف، أظهر «الحزب» أنّه يحتفظ بقدراته التمويلية بشكل فاعل. وعلى العكس، هو عمد إلى ترتيب إدارته للأزمة المالية على مستواه كحزب، كما على مستوى البيئة الشيعية التي تناصره، من خلال مؤسسات خاصة شبه مصرفية وأخرى شبه تعاونية.
وبيئة «الحزب» هي الوحيدة التي تحصل على الدولار النقدي في شكل منتظم، وتتمتع بقدرات معيشية تخوِّلها الصمود لفترات مديدة، فيما البيئات الأخرى في لبنان تترنّح على حافة الجوع.
لذلك، وفيما خصوم «الحزب» السياسيون في 14 آذار مصابون بالإرباك والتشرذم، وفيما انتفاضة 17 تشرين الأول تتعثّر، فإنّ «الحزب» يؤقلم تعايشه مع ضغط العقوبات العربية والدولية، وهو وحده الذي يمتلك القدرات للعيش قوياً، حتى نهايات المفاوضات بين إيران وكل من الولايات المتحدة والغربيين والعرب، ليقرِّر ما سيفعله في لبنان.
ولذلك، تدور أسئلة في بعض الأوساط السياسية عمّا إذا كانت سياسة الحصار والضغط على لبنان قد أثبتت جدواها في إضعاف «الحزب» أم العكس؟ وتالياً، هل هناك حاجة إلى مراجعتها؟
البعض يقول: الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون والخليجيون يريدون أن يهزموا إيران من لبنان، وبواسطة اللبنانيين. وهذه معادلة مقلوبة وأظهرت فشلها. والأحرى أن يمارَس الضغط الأساسي على إيران مباشرة، لأنّها مركز القوة، فيُصار إلى حسم الصراع معها وعقد اتفاق جديد. وفي هذه الحال، يأتي الحلّ تلقائياً مع حلفائها في لبنان وسوريا والعراق وسواها.
ولو استمرّ الحصار مضروباً على لبنان شهوراً أو سنوات إضافية، في الشكل الحاصل حالياً، فإنّ «حزب الله» لا يبدو مُعرَّضاً للإصابة بضعفٍ يدفعه إلى التنازل. وعلى العكس، هو سيحاول التمسّك بأي ورقة قوة في البلد المفلس المنهار، فيما مؤسساته تتلاشى وشبابه يهاجرون بلا تفكير في العودة… إلاّ إذا أفرز الانهيار نماذج أمر واقع أخرى، مناطقية أو طائفية أو مذهبية.