“رهان” حكوميّ على لقاء بغداد المفترض.. هل “يصيب”؟

21 أبريل 2021آخر تحديث :
“رهان” حكوميّ على لقاء بغداد المفترض.. هل “يصيب”؟
مجدّدًا، تتعلّق المساعي الحكوميّة بـ”قشّة” مصدرها خارجيّ، لعلّها تفضي إلى فتح كوة في الجدار “المجمَّد” منذ أسابيع، وذلك على وقع التسريبات عن لقاء مفترض جمع مسؤولين سعوديّين وإيرانيّين رفيعي المستوى في العاصمة العراقية بغداد، هو الأول من نوعه منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين عقب الاعتداء على السفارة السعودية في طهران.

ومع أنّ أيّ تأكيدٍ لهذا اللقاء لم يصدر عن المعنيّين، فيما تعمّدت طهران إحاطته بـ”غموض دبلوماسيّ”، عبر إعلان المتحدث باسم خارجيتها سعيد خطيب زاده أنّه “لا يؤكد ولا ينفي” التقارير التي أشارت إليه، فإنّه جاء بحسب ما تسرّب، نتيجة وساطة عراقيّة قادها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي حطّ في المملكة العربية السعودية في الأسابيع الأخيرة.

وسواء حصل هذا اللقاء بين الجانبين أم لا، فإنّه فتح المجال أمام نقاشٍ واسعٍ في الكثير من الأوساط السياسية حول إمكانية حصول حوار مباشر بين السعودية وإيران، والانعكاسات المحتملة لهذا التقارب على مختلف الملفات الساخنة في المنطقة، والتي قد يكون الملفّ اللبنانيّ من ضمنها، ولو لم يكن على صدرها، بحسب ما يؤكّد العارفون والمتابعون.

إيجابيّة مطلوبة
عمومًا، لا يشكّ أحد بأنّ التقارب السعودي الإيراني من شأنه، إن حصل، أن ينعكس “انفراجًا” على خطّ الكثير من القضايا والاستحقاقات في المنطقة، تمامًا كما أنّ “التباعد” يؤدّي إلى تكريس حالة “التوتر”، علمًا أنّ “الإيجابيّة” رُصِدت على خطّ اللقاء، ولو بقي افتراضيًا، من خلال التصريحات التي صدرت عن المسؤولين السعوديين والإيرانيين، والتي أكدت “الانفتاح” على الحوار، والترحيب به كأساسٍ لحلّ كلّ المشاكل والخلافات.

ويتعزّز هذا الجو الإيجابيّ مع ما يتسرّب من معطيات حول المفاوضات الجارية في فيينا بين أطراف الاتفاق النووي، والتي يؤكد المطّلعون على فحواها أنّها حقّقت “تقدّمًا”، مع احتفاظها بالجو “الإيجابيّ والبنّاء”، رغم محاولات “التشويش” التي استبقتها ورافقتها، وتوّجهت بالهجوم الذي تعرّضت له منشأة نطنز النووية، ووجّهت إيران أصابع الاتهام إلى إسرائيل بالوقوف خلفه، متوعّدة بردّ “انتقاميّ” في “المكان والزمان المناسبين”.

مثل هذه الإيجابية تبدو مطلوبة، وفق ما يقول العارفون، باعتبار أنّ لبنان ليس جزيرة معزولة، وهو يتأثّر بطبيعة الحال بما يجري ويحدث في المحيط القريب والبعيد، وبالتالي فمن الطبيعيّ أن تنعكس الأجواء الهادئة في المنطقة مرونة وليونة على خطّ أزماته، ولا سيّما القضية الحكوميّة، علمًا أنّ الكثير من اللبنانيين يشكون “ضياع” الملف اللبناني وسط “فوضى” الملفات الساخنة المتشابكة إقليميًا ودوليًا.  

الكرة في ملعب اللبنانيّين

لكنّ مثل هذه الإيجابية تبقى “محدودة” في إطارها هذا، بحسب العارفين، الذين يشيرون إلى أنّه حتى لو صحّت الفرضية التي يروّج لها البعض بوجود “عقدة” خارجيّة، وتحديدًا إقليميّة، خلف تشكيل الحكومة، فإنّ من “السذاجة” الاعتقاد بأنّها يمكن أن تُحَلّ بلقاءٍ واحد، فكيف بالحريّ إذا لم يكن مُعلَنًا ولا مكشوفًا، كحال لقاء بغداد المفترض، علمًا أنّ اللقاء لو عُقِد، قد لا يكون تناول الملف اللبناني من الأصل، نظرًا لوجود الكثير من “الأولويات” الأخرى.

وفي مقابل هذه الفرضية، غير المبنيّة على أسس ثابتة وراسخة أصلاً، يؤكد العارفون أنّ “الرهان” على لقاء ودّي من هنا، ومحادثات إيجابيّة من هناك، لا يمكن أن يكون “مفتاح الحلّ”، الذي يبقى حتى إثبات العكس، بيد اللبنانيّين أنفسهم، فهم أهل الحلّ والربط، وهم الذين يمكنهم إما الاستفادة من الأجواء الإيجابية، لإبداء المرونة المطلوبة، وإما التعنّت والتصلّب على مواقفهم المعروفة بما يعقّد عملية تشكيل الحكومة.

ويذكّر هؤلاء العارفون أنّ الحكومة ليست “عالقة” بسبب شروطٍ سعوديّة، أو حتى ممانعة إيرانية، باعتبار أنّ “المساكنة” بين الجانبين متحققة ولو نسبيًا، من خلال العلاقة بين رئيس الحكومة المكلَّف سعد الحريري و”حزب الله”، ولكن بكلّ بساطة، بسبب “نكايات سياسية” يصرّ عليها رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، مستقويًا برئيس الجمهورية ميشال عون، وكلاهما ممّن يتباهون بـ”عدم التبعيّة” لمواقف الخارج.

بين الرهان “المحبَّذ” على أيّ تطورات إيجابيّة في المنطقة، بعيدًا عن “الانصياع” خلفها، والواقعيّة “المَريرة” التي توحي بأنّ الحكومة لا تزال بعيدة المنال، في ظلّ “أشباح” الثلث المعطّل وأشباهه، ثمّة من يؤكد أنّ على اللبنانيين الكفّ عن المهاترات، والانصراف إلى الاتفاق على حكومة الإنقاذ المطلوبة، لأنّ لا حكومة من دون إرادة، ولو اتفق العالم كلّه عليها!. 

 

 

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.