تواصلت أمس فصول مسرحية القاضية غادة عون وشركة مكتف للصيرفة، لليوم السادس على التوالي، حيث لم يمرّ 24 ساعة على قرار مجلس القضاء الأعلى بإحالتها إلى هيئة التفتيش القضائي وتأكيد كفّ يدها عن متابعة الملفات المالية المهمة، حتى كسرت القاضية غادة عون القرار، فاستأنفت تحديها للسلطة القضائية وتمرّدها على المجلس ومدعي عام التمييز، بشنّ غزوة جديدة على مكاتب شركة مكتف في عوكر، واستولت على بعض من أجهزته وملفاته من دون أي مسوغ قانوني ولا قضائي، في هذا الوقت، يغيب الملف الحكومي بشكل نهائي عن الساحة، فلا اتصالات بالكواليس ولا مبادرات لكسر الجمود الخاصل سوى اللقاء الذي عقد أمس في بكركي بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عشية اللقاء الذي سيجمع اليوم البابا فرنسيس والرئيس سعد الحريري.
تمرد عون مستمر
اذاً، غداة قرار مجلس القضاء الاعلى الذي طلب من القاضية غادة عون إلتزام قرار النائب العام لدى محكمة التمييز، تحدت عون المجلس وحضرت مجدداً الى مكاتب شركة مكتف في عوكر لاستكمال تحقيقاتها بعدما سبقها الى الشركة الخبيرُ المالي المكلّف منها. وفيما لم تتمكن من الدخول في البداية توافد مناصروها من محازبي “التيار الوطني الحر” الى عوكر بهدف دعمها وخلعوا الباب الخارجي للشركة، فدخلت سيارة عون التي ترجلت في اتجاه بوابة الشركة وطلبت احضار حداد افرنجي لفتح البوابة.
وجرى تداول معلومات أن: الرئيس عون أبلغ المعنيين انه سيرسل الحرس الجمهوري في حال تمّ المس بالقاضية غادة عون ، بحسب “اللواء”.
وفي سياق متصل، مصادر سياسية واذا اعتبرت ما جرى تمرّد عوني على القضاء، أكدت أنّ استئناف القاضية عون تحركاتها التخريبية أمس في عوكر إنما أتى “بناءً على توجيهات مباشرة من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لعون ولمناصري التيار باستكمال الهجوم الميداني على شركة مكتف توصلاً إلى تسجيل نقاط في مرمى الخصوم قضائياً وسياسياً”، فعلى المستوى القضائي يريد باسيل تأكيد قدرته على “كسر شوكة” مجلس القضاء الأعلى “ليس فقط من خلال حجز تشكيلاته القضائية في قصر بعبدا وشل قدرته الذاتية على اتخاذ قرار بعزل قاضية متمرّدة، إنما أيضاً عبر استعراض قوته في كسر قرارات المجلس وتهميشها وإيصال رسالة استباقية ترهيبية إلى هيئة التفتيش القضائي تحذر من مغبة اتخاذه أي قرار عقابي بحق عون”.
وأكدت أوساط التيار الوطني الحر لـ”البناء” أن عون مصرّة على متابعة الملف ولن تتنحّى نصرة للقضية الوطنية التي تتعلق بمصير الودائع والنقد الوطني ومستقبل الاقتصاد اللبناني برمّته.
وبحسب معلومات “البناء” فإن “داتا الملفات التي صادرتها عون خلال دخولها المرة الأولى منذ يومين إلى مكاتب الشركة لم تكن كافية. وخلال اطلاعها على هذه الملفات تبين لها أن هناك معلومات ومعطيات كثيرة تحتاجها لاستكمال التحقيقات تمهيداً لتوجيه الاتهامات للمسؤولين عن تهريب مليارات الدولارات إلى الخارج”. وتكشف مصادر “البناء” أن التحقيقات الأولية والتدقيق بالداتا حتى الساعة أظهرت تورط 43 مسؤولاً لبنانياً من الفئة العليا من سياسيين كبار وأصحاب مصارف ومصرفيين وصرافين وضباط ومدراء عامين بتهريب حوالي 2 مليار و600 مليون دولار خلال 4 شهور بعد أحداث 17 تشرين 2019″.
لا بوادر حلحلة حكومية
وسط هذه الأجواء، ووسط الشلل الذي يطبع ازمة تشكيل الحكومة الجديدة وصل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مساء امس الى روما حيث يلتقي صباح اليوم في الفاتيكان البابا فرنسيس ووزير الدولة (رئيس الوزراء) الكاردينال بيترو بارولين.
في المقابل التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مساء في بكركي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي تناول العشاء الى مائدة البطريرك.
وأشارت مصادر سياسية لـ”اللواء” الى ان زيارة الرئيس الحريري إلى الفاتيكان ولقائه مع البابا فرنسيس هي للتأكيد على اهتمام الكرسي الرسولي بمساعدة اللبنانيين على تجاوز الازمة التي تعصف بلبنان ودعمه للدور الذي يقوم به الحريري لتشكيل حكومة جديدة باسرع وقت ممكن، مع الحرص على عدم التدخل في التفاصيل الحكومية والخلافات السياسية وابلاغ من يعنيهم الامر بأن أي زيارة قد يقوم بها البابا الى لبنان لن تحصل اذا لم تشكل الحكومة الجديدة. والاهم ما في الزيارة يكمن في الدور الذي يلعبه الفاتيكان من خلال شبكة علاقاته الواسعة مع الدول المؤثرة بالعالم لمساعدة ودعم لبنان لتجاوز ازمته، وللتأكيد على دور لبنان الرسالة. ومن خلال علاقته بالمكونات اللبنانية وتحديدا المسيحيين، لمنع أن ينقلب الصراع السياسي الدائر حاليا إلى صراع بين الطوائف وعدم الانجرار إلى أي نوع من الفتن.
في ما يتعلق بزيارة باسيل بكركي، أشارت مصادر مطّلعة لـ”الأخبار”، ان اللقاء كان “أكثر إيجابية من أيّ لقاء سابق”، وقد “تمّ الاتفاق على جهد مشترك لدفع الحريري الى التشكيل. وستكون هناك متابعة”. كما بدا الراعي أكثر تفهّماً للحاجة لدى رئيس الجمهورية بالإسراع الى تشكيل حكومة، وأن الجهد يجب أن ينصبّ على ذلك، وخصوصاً أن البلد في حالة انهيار ينتظر الحكومة.
ونقلت المصادر عن شخصية مقرّبة من باسيل قولها أثناء المواكبة الإعلامية لأحداث عوكر أمس: “لنشوف مين رح يحكي بعد عن زيارة الفاتيكان”.