وفي مقالة نشرتها مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، رأى راضي أنّ الراعي أوضح أنّه “يعتقد أنّ بلاه على شفير الانهيار- وأنّ مفتاح الإنقاذ يشمل نزع سلاح “حزب الله”، مذكراً بقوله: “لا يوجد دولتان أو دول على أرض واحدة، ولا يوجد جيشان أو جيوش في دولة واحدة”.
وتابع راضي قائلاً إنّ خطاب بكركي كان الأخير ضمن سلسلة عظات وخطابات أدلى بها في الأشهر الماضية، ومشيراً إلى أنّها جعلت منه “قائداً غير متوقع لحركة سياسية جديدة تستند إلى دعم شخصيات المنظومة (السياسية) وتعتمد على لغة المحتجين المعارضين للحكومة”.
وفي تحليله لكلمة الراعي، اعتبر راضي أنّ البطريرك توخى الحذر فلم ينتقد “حزب الله” أو إيران مباشرة، بل صاغ مطالبه في إطار “مبادرة سياسية أوسع نطاقاً لإنقاذ لبنان”. وأضاف الكاتب: “لكن الراعي صوّر حملته أيضاً باعتبارها تحدياً مباشراً لحكام لبنان الطائفيين الحاليين- وهو تحدٍّ يكمن في أساس ما يعتبره مهمته التاريخية”.
وإذ تحدّث راضي عن دعوة الراعي إلى تحييد لبنان ودعوته المحتجين إلى “عدم السكوت عن السلاح غير الشرعي والسلاح غير اللبناني” و”عدم السكوت عن الانقلاب على الدولة والنظام”، لفت إلى أنّه بدا أيضاً ملتزماً بتنظيم القوى السياسية. إذ أشار راضي في هذا السياق إلى أنّ الراعي- مثل البطاركة أسلافه- قال في خطابه إنّه يتحدّث باسم اللبنانيين جميعاً بغض النظر عن ديانتهم، كما لوّح للشيوخ المسلمين الجالسين في مقدمة الحشود ووسطهم.
وفي تعليق على مبادرة الراعي، قال راضي: “حملة الراعي تمثّل مفارقة تاريخية بمعنى ما. إذ تصوّر البطريركية المارونية نفسها اليوم حليفةً للمحتجين المعارضين للحكومة، بعدما كانت تقليدياً حارسة النظام السياسي والاجتماعي المحافظ الذي ورثه لبنان عن الفرنسيين. أمّا “حزب الله” المتمرّد سابقاً، فأصبح المدافع عن الوضع السياسي الراهن الذي يهمين عليه”.
وفي هذا الإطار، تساءل راضي عما إذا يملك الراعي “: “خطة للخروج من المواجهة التي أشعل فتيلها”، معتبراً أنّ البطريرك مثل أسلافه المعاصرين يسعى إلى الاصطفاف بجانب الغضب الشعبي وتعزيز دوره كوسيط بين النخبة (السياسية) المنقسمة”، متوقفاً بشكل خاص عند الأزمة بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون.
وفي حين ذكّر راضي بتأكيد الراعي في مقابلة مع “الحرة” أنّ “لبنان الكبير لم يفشل لكن السياسيين فشلوا”، علّق بالقول: “من الواضح أنّ الراعي ليس ثورياً بل يمارس السياسة الواقعية المحافظة التي يسعى زعماء الطوائف في الشرق مسلمين ومسيحيين إلى إتقانها منذ فترة طويلة”.
وعن المرحلة المقبلة، اعتبر راضي أنّ المواجهة المتصاعدة بين بكركي و”حزب الله” تثبت أنّ المبادرة السياسية عادت إلى أيدي المنظومة الحاكمة، مؤكداً أنّ الوضع السياسي في لبنان ما زال، كما الحال دائماً، رهينة نزاع إقليمي أوسع بين حلفاء الولايات المتحدة الأميركية والفريق الذي تقوده إيران.
وعليه، استبعد راضي أن تلقى دعوات الراعي إلى “الحياد” صدى ما دام الوفاق الحقيقي بين إيران والسعودية والولايات المتحدة وإسرائيل غائباً.