استحقاقات الحريري بعد استنفاد الرحلات الخارجية

23 أبريل 2021
كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: حين يضطر الحريري عاجلاً أم آجلاً للعودة إلى بيروت، ستكون عودته على إيقاع ظروف اقتصادية ومالية ستصبح ارتداداتها السلبية أشد وقعاً مع «الشر الذي لا بد منه» في رفع الدعم والمزيد من التدهور المالي ومصاعب الكهرباء المتفاقمة وما ستخلقه من انعكاس شعبي في الأشهر المقبلة. لكن التحدي الأكبر في ما سيواجهه الحريري هو الزخم السياسي الذين سينصبّ عليه من جانب التيار الوطني الحر والعهد.












اعتقد الحريري، أن فرض عقوبات أميركية على النائب جبران باسيل، وتراكم المشكلات على العهد والتيار الوطني الحر سيزيد من عزلة الأخير، وسيدفع به إلى تقديم تنازلات. رغم أن هناك في حلقات الحريري من الحرس القديم ومنهم مبعدون عن حلقات التشاور، من يعرف عون أكثر مما يعرفه الحريري، ويدركون جيداً أن ليس من المعروف عن عون أنه مطواع في التنازل أو في تخفيف شروطه إلا عند اللحظات الأخيرة أو حين يقترب من نيل ما يريد. تعلم باسيل من عون وزاد عليه، إصراره على اللعب منفرداً ليس فقط من ضمن فريقه السياسي الداخلي المتخبط حالياً، بل ضمن حدود طائفته وقياداتها. قد يقبل باسيل أن يدوّر زوايا مع الحريري لكنه يرفض حتى الآن أن يدوّرها مع القوات أو الكتائب أو حتى بكركي، وحملات التيار الأخيرة ضد هذه القوى الثلاث أكبر برهان، لا سيما أنها تعدت الأوضاع السياسية إلى الشخصية. إلا أن باسيل من النوع الذي يأخذ ولا يعطي، حتى في أصعب الظروف، فكيف وهو يخوض معارك على جبهات مختلفة، ويعتقد أنه متقدم على غيره كونه فاعلاً أكثر منهم، ولا سيما أن ملف الرئاسة هو الهاجس الحالي بعدما بدأت عملية حرق المرشحين. وهو لا يضيره أن ينقلب 180 درجة في سبيل تحقيق مزيد من النقاط، من مؤيد للتجديد لرياض سلامة وممتنع عن مهاجمة المصارف والمطالبة بحقوق المودعين إلى تسليط الضوء على التدقيق الجنائي. ومن معترض على صورة تظاهرات 17 تشرين، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة إلى تحريك الشارع ولو بقلة حتى الآن كما حصل في مشهد عوكر، والضغط تدريجاً على المصارف. ولن يضيره أيضاً الإفادة من بعض ما تبقى من إحاطة خارجية بالحد الأدنى من الاستقرار اللبناني، من أجل المغامرة إلى الحد الأقصى بالذهاب في معركته مع الحريري إلى النهاية. ورغم علمه أن لا مسوغات دستورية أو قانونية قد تساعده في معركته ضده في شأن عملية التأليف، إلا أنه لن يتردد في فتح جملة معارك على أكثر من مستوى من باب الحشد الشعبي وتسجيل النقاط وحصر الحريري في مواجهة مشكلات الانهيار وتحميله تبعاته. وبقدر ما يستفيد الحريري من غياب ما يلزمه الاعتذار من التأليف، يستفيد باسيل من فقدان الحريري لأوراق اللعب الداخلية، لتحويل النظر عن مشكلات العهد وأخطائه وتبعات حكم الخمس سنوات بالشراكة مع الحريري، ليصبح الرئيس المكلف وحده السبب في الانهيار. رغم أن كليهما ضمناً يريدان بأي ثمن القبض مجدداً على زمام السلطة الفعلية، وما يجمعهما هو رغبتهما في الوجود في الحكم، خشية الفراغ الآتي. لكن كل واحد منهما لغاية مختلفة.