ولكن مواسم الأعياد والأخرى ذات الطابع الديني شكلت مناسبات عودة موسمية للناس إلى ذلك الحرم، سواء كان ذلك في المقاهي أو السوق أو المساجد المتعددة كالمعلق وارغون شاه وطينال ومسجد العزم كما ذكرنا سابقا.
ويقول رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الصحافي صفوح منجد عن عودة المجتمع الموسمية إلى حرم المسجد في مقالة لصحيفة البلد العام 2006، “إن طرابلس تشهد خلال شهر رمضان عودة الأهالي إلى قلب المدينة القديمة وحاراتها الشعبية ..وان المتابع لحركتهم يشعر أن حنيناً إلى الماضي يجذبهم الى تلك الأحياء والزواريب والحارات التي عاش فيها آباؤهم وأجدادهم، ولعل مشهد المقاهي الشعبية في منطقة الحدادين (جبل النار) عند البوابة الجنوبية للمدينة القديمة خير دليل على ما يسمى “العودة الجماعية الى الجذور”، إذ يلتقي في هذه المقاهي الشعبية أبناء المدينة من كل الأعمار والفئات. ومع النارجيلة ولعبة الورق تدور الأحاديث عن أيام زمان”.
ولو لم يقصد المنجد ذلك فإنه يلفت هنا إلى تبدل المفاهيم والعادات اذ أن حضور لعب الورق جديد ضمنا بين الناس، وهو حل محل السهرات القديمة والتحلق حول الراديو في خلال ليالي رمضان “الذي تموضع في صدر المقاهي” للاستماع إلى تلاوات قرآنية مصرية أو سورية ،أو الاستماع الى “ليالي الست” وذلك في رمضان وغيرها . وكثيرون من الفيحاء تصوروا أمام تلك الآلات الإلكترونية التي غزت حياتهم فأخذت منهم مأخذاً كببيراً، واجلستهم بالقرب من تلك الآلات الضخمة المعلبة في صناديق خشبية لا تزال حتى يومنا هذا تحفة الناظرين.
ولكن كل ذلك كان يحصل في ساعة متقدمة من الليل ليمتد السهر حتى وقت الإمساك.