ولذلك، حذّر مراقبون وخبراء قانونيون ودستوريون من المضي بكثير مما يخطّط له البعض في قلب بيت السلطة القضائية ضماناً لمصالح آنية وظرفية وسياسية، والأهداف لا تحمل اي توصيف آخر، خصوصاً اذا ثبت انّ ما يجري لأسباب انتقامية. فمنذ ان قيل انّ القضاء “للضعفاء فقط”، ادّت التطورات المتلاحقة الى تقدّم الساعين الى فرز القضاة على اساس انتماءاتهم في صفاتهم ومواقعهم الى هذه الطائفة أو المذهب او ذاك. وهو ما يثير الاستغراب الى حدود القلق على مستقبل هذه السلطة واحتمال فقدان هيبتها المستمدة مما لها من حقوق في إدارة بيتها الداخلي، مخافة ان يؤدي ذلك الى عجزها عن الادوار الكبيرة المناطة بها في الخارج، إن اثبتت فشلها في إدارة نفسها بنفسها، بما أُعطيت من حوافز قانونية وتنظيمية تسمح بمحاسبة وتهنئة من يستحق بسرّية تامة، قبل ان تتحول صفحة مفتوحة يتنازع فيها الرئيس صلاحياته مع مرؤوسيه على كل مستوى اعلامي وسياسي، وإذا وجدت قوة سياسية او حزبية او مذهبية الى جانب هذا او ذاك يتحقق له الفوز بما يريد.
في أي حال، وإن لم تشأ المراجع البحث في كثير مما لا يمكن مقاربته، فإنّها تعتقد انّ امام السلطة القضائية ابواباً عدة للخروج من محنتها، وانّ في امكانها استخدام مفاتيح الاقفال المتوافرة لديها. وهو أمر مناط باتحاد مسؤوليها بالتراتبية التي لا نقاش فيها. فالمهمة ليست صعبة إن اتفقوا على قراءة الواقع. فليس من بين المتنازعين عليها ومن حولها سوى من أرادها في يوم من الايام مطية لرغبة شخصية، وقد تناوبوا على التنكيل بها وتشويه صورتها.
وتختم هذه المراجع لتقول الى من يعينه الامر، انّ “الجراد الطبيعي” بات على الحدود، وان فُتحت له الابواب بسبب العجز عن مواجهته، فليس مسموحاً ان يجتاح “الجراد السياسي” السلطة القضائية. فماذا انتم فاعلون يا قضاة لبنان؟